نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 415
قَوْمٌ إذَا عَقَدُوا عَقْداً لِجَارِهِمُ ... شَدُّوا الْعِنَاجَ وَشَدُّوا فَوْقَهُ الْكَرَبَا «1»
قال [2] الفَخْر: وأما وجه المناسبة بَيْنَ هذه الآية والَّتي قبلها، فهو ما تقدَّم مِنْ أنَّ قوماً من الصحابة (رضي اللَّه عنهم) حَرَّموا على أنفسهم المطاعِمَ والمَلاَذَّ، وحلفوا على ذلك، فلمَّا نهاهم/ اللَّه تعالى عن ذلك، قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فكيف نصنع بأَيْمَانِنَا؟ فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية. انتهى.
وقوله سبحانه: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ، أي: إشباعهم مرةً واحدةً، وحكم هؤلاءِ ألاَّ يتكرَّر واحدٌ منهم في كفَّارة [3] يمينٍ واحدةً.
واختلفَ في معنى قوله سبحانه: مِنْ أَوْسَطِ، فرأى مالك وجماعةٌ معه هذا التوسُّط في القَدْر، ورأى ذلك جماعةٌ في الصِّنْف، والوَجْهُ أن يُعَمَّ بلفظ «الوسَطِ» القَدْرُ والصِّنْفُ، فرأى مالكٌ أنْ يُطْعَمَ المسكينُ ب «المدينة» مدّا بمدّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وذلك رطل
(1) البيت للحطيئة ص (15) ، واللسان (عنج) .
وعقد الحبل والعهد يعقده عقدا، وأعقدت العسل والدواء أعقدهما إعقادا والعناج: حبل يشدّ أسفل الدلو إذا كانت ثقيلة، ثم يشد إلى العراقيّ، فإذا انقطعت الأوذام، فانقلبت، أمسكها العناج، يقال: قد عنجت الدلو أعنجها، واسم الحبل: العناج. والكرب: عقد الرشاء الذي يشدّ على العراقي، يقال:
أكربت الدلو أكربها إكرابا، والعراقي: العودان المصلبان اللذان تشدّ إليهما الأوذام، فأراد أنهم إذا عقدوا لجارهم عقدا أحكموه. [2] ينظر: «مفاتيح الغيب» (12/ 61) . [.....] [3] لا نعلم خلافا بين العلماء في أن المكفر بالإطعام يخرج عن عهد الكفارة بإطعام عشرة مساكين لكل مسكين ما وجب له.
كما لا نعلم خلاف بينهم أيضا في أنه لا يخرج عن عهدة الكفارة بدفعه ما وجب عليه من الطعام لمسكين واحد في يوم واحد دفعة واحدة لأن ذلك لا يسمى إطعام عشرة مساكين لا حقيقة ولا حكما. فهو مخالف لظاهر الآية. وليس في السنة ما يؤيده.
وإنما الخلاف بينهم في دفع ما وجب عليه من الطعام لمسكين واحد في عشرة أيام، أو في يوم واحد على دفعات متفرقة على سبيل التمليك.
فجمهور العلماء، ومنهم الأئمة: مالك، والشافعي، وأحمد في المشهور من مذهبه ذهبوا إلى أن ذلك لا يجوز، ولا يخرج به المكفر عن العهدة، ولا بد من إعطاء تسعة مساكين آخرين لكل واحد منهم ما وجب له، فعدد العشرة عندهم معتبر.
ومنهم من ذهب إلى أن ذلك جائز، ومسقط للعهدة، وهو الإمام أبو حنيفة وأصحابه، والإمام أحمد في رواية، غير أن الحنفية يجيزون دفعها لمسكين واحد في أيام متعددة من غير خلاف بينهم، وأمّا دفعها له في يوم واحد على دفعات على سبيل التمليك، فذلك محل خلاف بينهم.
ينظر: «الكفارات» لشيخنا حسن علي حسن الكاشف.
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 415