نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 381
وقوله سبحانه: فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ... الآية:
- قول علي.
فهذه الآثار جميعها صريحة في أن ما يقطع من السارق إنما هو اليد اليمنى، والرجل اليسرى، ثم إن عاد إلى السرقة بعد قطعهما، أودع السجن حتى يظهر صلاح حاله.
واستدل المالكية، والشافعية بأدلة: منها ما يخص اليدين، ومنها ما يعم اليدين والرجلين.
أما ما يخص اليدين: فأولا: قوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما [المائدة: 38] فإن اسم السيد يطلق على اليد اليسرى، كما يطلق على اليد اليمنى ... وقد أمر الله- تعالى- بقطع يدي كل من السارق والسارقة، فظاهر النص قطعهما معا لولا قيام الإجماع على عدم قطعهما معا في سرقة واحدة، وعلى عدم الابتداء باليسرى.
وأجيب عنه بأن نص الآية لا يتناول اليد اليسرى لتقييده باليمنى من قراءة عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-.
وثانيا: ما رواه مالك في «الموطأ» عن عبد الرّحمن بن القاسم، عن أبيه أن رجلا من اليمن أقطع اليد والرجل قدم فنزل على أبي بكر الصديق، فشكا إليه أن عامل اليمن ظلمه، فكان يصلي من الليل، فيقول أبو بكر- رضي الله عنه- وأبيك ما ليلك بليل سارق ثم إنهم غدوا عند أسماء بنت عيمس امرأة أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- فجعل الرجل يطوف معهم، ويقول: اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح، فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاء به، فاعترف الأقطع، أو شهد عليه، فأمر به أبو بكر فقطعت يده اليسرى. وقال أبو بكر: لدعاؤه على نفسه أشد عليه من سرقته فهذا أشد صريح في أن اليد اليسرى محل للقطع، وإلا لما صح لأبي بكر قطعها.
وأجيب عنه: بأن سارق حلي أسماء لم يكن أقطع اليد، والرجل، بل كان أقطع اليد اليمنى فقط، فقد قال محمد بن الحسن في «موطئه» : قال الزهري: ويروى عن عائشة قالت: إنما كان الذي سرق حلي أسماء أقطع اليد اليمنى، فقطع أبو بكر رجله اليسرى، قال: وكان ابن شهاب أعلم بهذا الحديث من غيره.
وأما ما يعم اليدين، والرجلين: فما رواه الدارقطني من طريق الواقدي، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا سرق السّارق فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله، فإن عاد فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله» فهذا الحديث صريح في أن القطع يتعلق بجميع أطراف السارق.
وأجيب عنه: بأنه لا يصلح للاحتجاج، فإن في طريقه الواقدي، وفيه مقال، وقد روي هذا المعنى من طرق كثيرة لم تسلم من الطعن. فقد قال الطحاوي: تتبعنا هذه الآثار، فلم نجد بشيء منها أصلا ومما يدل على عدم صلاحيته للحجبة عدم استدلال الصحابة به حينما استشارهم علي- رضي الله عنه- في سارق أقطع اليد والرجل، فلم يقطعه، وجلده جلدا شديدا، ودعوى الجهل به بعيدة، فإن مثل هذا لا يخفى على الصحابة- رضوان الله عليهم- فعدم احتجاجهم به ليس إلا لضعفه، أو نسخه، فإن الحدود كان فيها تغليظ في الابتداء، ألا ترى أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قطع أيدي العرنيين، وسمل أعينهم، ثمّ نسخ ذلك.
واستدل داود، ومن وافقه بقوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما [المائدة: 38] .
ووجه الدلالة: أن الله- تعالى- قد نص على قطع اليدين، ولم ينص على قطع الرجلين، فلو كان قطع الرجلين مطلوبا لأمر به- تعالى- والسنة لم يرد فيها من طريق صحيح ما يفيد قطعهما في السرقة، والذي ورد في السنة صحيحا جميعه يتعلق بقطع اليد، فقد قال- عليه الصلاة والسلام-: «لو سرقت فاطمة بنت-
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 381