نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 249
وقوله تعالى: أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ ... الآية: عُرْفُ «أَمْ» أنْ تُعْطَفَ بعد استفهامٍ متقدِّم كقولك: أَقَامَ زَيْدٌ أَمْ عَمْرٌو؟ فَإذا وردَتْ، ولم يتقدَّمها استفهامٌ كما هي هنا، فمذهب سيبَوَيْهِ أنَّها مضمَّنةٌ معنى الإضراب عن الكلامِ الأوَّلِ، والقَطْع منه، وهي متضمِّنة مع ذلك مَعْنَى الاِستفهام، فهي بمعنى «بَلْ» مع همزةِ استفهامٍ كقول العربِ: «إنها لإِبِلٌ أَمْ شَاءٌ» ، التقدير عند سيبويه: إنَّهَا لإِبِلٌ بَلْ أَهِيَ شَاءٌ؟ وَكَذَلك هذا الموضعُ: بَلْ أَلهُمْ نَصِيبٌ مِنَ المُلْكِ، فإذا عرفْتَ هذا، فالمعنى على الأرجَحِ الذي هو مذْهَبُ سيبَوَيْهِ والحُذَّاقِ: أنَّ هذا استفهامٌ على معنى الإِنكار، أي: ألهم مُلْكٌ فإذن لَوْ كان، لَبَخِلُوا به، والنَّقِيرُ: هي النُّكْتَةُ التي في ظَهْر النَّوَاة من التَّمْر هذا قول الجمهور، وهَذَا كنايةٌ عن الغايَةِ في الحَقَارة والقِلَّة، وتُكْتَبُ «إذَنْ» بالنُّون وبالألِفِ، فالنُّونُ هو الأصْلُ ك «عَنْ» ، وَ «مِنْ» ، وجاز كتبها بالألِفِ لصحَّة الوقوفِ عليها، فأشبهَتْ نونَ التَّنْوينِ، ولا يصحُّ الوقوف على عَنْ ومِنْ.
وقوله تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ ... الآية: «أمْ» هذه على بابها من العطْفِ بعد الاِستفهام.
وقال ص: أَمْ يَحْسُدُونَ: «أَمْ» أيضاً منقطعةٌ تتقدَّر ب «بَلْ» و «الهمزة» .
انتهى. قلت: والظاهر ما قاله ع [1] واختلف في المراد ب «الناس» هنا.
فقال ابن عبّاس وغيره: هو النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والفَضْلُ: النبوَّة فقط [2] ، والمعنى: فَلِمَ يخصُّونه بالحَسَد، ولا يَحْسُدُونَ آل إبراهيم في جميعِ مَا آتيناهم مِنْ هذا وغيره مِنَ المُلْك، وقال قتادة: «النَّاسُ» هنا: العَرَبُ، حَسَدَتْها بَنُو إسرائيل في أن كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم منْها، والفَضْلُ على هذا التأويل هو محمَّد صلّى الله عليه وسلّم [3] ، قَالَ أبو عُمَرَ بْنُ عبدِ البَرِّ: وقد ذَمَّ اللَّه قوماً على حَسَدهم، فقال: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، ثم حدَّث بسنده، عن عمرو بن مَيْمُونٍ، قَالَ: لما رَفَع اللَّه موسى نَجِيًّا، رأى رجُلاً متعلِّقاً بالعَرْش، فقال: يا رَبِّ، مَنْ هَذَا، فقالَ: هذا عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي، صَالِحٌ، إن شئت أخبرتك بعمله، [1] ينظر: «المحرر الوجيز» (2/ 68) . [2] ذكره البغوي (1/ 442) ، وابن عطية (2/ 68) . [3] أخرجه الطبري (4/ 141) برقم (9825) ، وذكره البغوي (1/ 442) ، وابن عطية (2/ 68) ، والسيوطي (2/ 309) وعزاه لابن جرير. [.....]
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 249