نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 217
عندهم قُلْتُ: والعلَّة في مَنْعِ نكاحِ الأَمَةِ ما يئول إليه الحال من استرقاق الولد.
- عمومها فلا يحتج بها. ثم ما تقدم على القول بتفسير المحصنات بالحرائر. أما إن فسرت بالعفائف (كما جرى عليه الحنفية استنادا إلى أن الإحصان في كلام العرب عبارة عن المنع، وهو يحصل بالحرية والإسلام) . فاسم العفائف متناول للحرائر والإماء، فيكنّ في الحكم سواء. وحيث وقع الاتفاق على حل الحرائر، فالإماء كذلك لعدم الفصل في الدليل المبيح.
وثانيا من الكتاب: قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ [النساء: 25] دلت الآية على أن حل المتزوج بالإماء مشروط بشرطين هما إيمانهن وعدم قدرة المتزوج بهن على طول الحرة، فإذا انتفى الإيمان منهن (وهو أحد الشرطين) بأن كن كتابيات انتفى الحكم، وهو الحل، فيحرم نكاحهن بناء على أن الحكم متى علق بشرط أو أضيف إلى مسمى بوصف خاص، أوجب نفي الحكم عند عدم الشرط أو الوصف، فكان انتفاء الشرطين أو أحدهما وهو الإيمان مفيدا لتحريم الإماء.
ونوقش بأن هذه الآية غاية ما تفيد وجود الحكم عند وجود الشرط، أما نفي الحكم عند نفي الشرط، فلم تتعرض له الآية، فلا دلالة فيها على التحريم إذ اللفظ لا يدل على خلاف الموضوع له.
وغاية درجات الوصف إذا كان مؤثرا أن يكون علة، ولا تأثير للعلة في نفي الحكمة لأن عدم العلة لا يصلح أن يكون علة لعدم الحكم لكون العدمي لا يكون علة لحكم عدمي ولا وجودي، وعلى ذلك فالآية أفادت حل الإماء المؤمنات عند الشرط لا تحريم الكتابيات.
ولو سلمنا للمستدل حجية المفهوم، فمقتضى مفهوم الآية عدم الإباحة الثابتة عند وجود القيد المبيح، وعدم الإباحة أعم من ثبوت الكراهة أو الحرمة لأنه لا دلالة للأعم على أخص بخصوصه. وعليه يجوز ثبوت الكراهة أو الحرمة على السواء لا ثبوت الحرمة بعينها، لكن لما كانت الكراهة أقل تعينت، وإليها مالت الحنفية. وصرح بذلك صاحب «البدائع» منهم.
فإن قال قائل: إن الوصف بالإيمان يدل على الحرمة عند عدمه، فتحرم الأمة الكتابية لعدم تحقق وصف الإيمان فيها. ولهذا نظير معتبر متفق عليه وارد في القرآن الكريم هو قوله تعالى في كفارة القتل:
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء: 92] فقد وقع الاتفاق على عدم إجراء الرقبة الكافرة في هذه الكفارة لكونها مقيدة بالإيمان، فكأنهم اعتبروا الوصف الوارد في الآية.
أجيب بأن تحرير الرقبة في كفارة القتل لم يشرع إلا مقيدة بالإيمان، بخلاف النكاح فقد شرح مطلقا ومقيدا.
واستدل المانعون بالمعقول من وجهين:
الوجه الأول: أن نكاح الإماء في الأصل ثبت ضرورة وما ثبت بالضرورة يقتصر على قدرها الوارد به النص. وقد ورد النص بحل الحرائر والإماء المؤمنات لكون الضرورة مرتفعة بهما، فلا تحل الإماء الكتابيات لعدم ورود النص بذلك.
أما أن نكاح الإماء ثابت ضرورة، فلما فيه من تعريض الولد للرق الذي هو موت حكما، فكان كالإهلاك حسّا إذ به يخرج الشخص عن أن يكون منتفعا به في حق نفسه ملحقا بالعجماوات في البيع والشراء، وهلاك الجزء من غير ضرورة لا يجوز.
والوجه الثاني: هو أن التزوج بالإماء الكتابيات يؤدي إلى تعريض ولد الحر المسلم لرق الكافر لأن الولد ينشأ رقيقا برق أمه، فإذا كانت الأم مملوكة لكافر وتزوجها حر مسلم نشأ الولد رقيقا برق أمه، -
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 217