نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 163
وقيلَ: «ما» ظرفيةٌ، أي: ما دُمْتُم تستحسنُون النِّكَاحَ، وضُعِّفَ قُلْتُ: وفي تضعيفه نَظَرٌ، فتأمَّله.
قال الإمام الفَخْر: وفي تفسير [1] مَا طابَ بِما حَلَّ- نَظَرٌ وذلك أنَّ قوله تعالى:
فَانْكِحُوا: أمْرُ إباحةٍ، فلو كان المرادُ بقوله: مَا طابَ لَكُمْ، أي: ما حَلَّ لكم- لتنزَّلت الآية منزلةَ ما يُقَالُ: أبَحْنَا لكم نِكَاحَ مَنْ يكون نكاحُها مباحاً لكم، وذلك يُخْرِجُ الآيةَ عن الفائدةِ، ويصيِّرها مُجْمَلَةً لا محالةَ، أما إذا حَمَلْنا «طَابَ» على استطابةِ النَّفْسِ، ومَيْلِ القلبِ، كانَتِ الآيةُ عامَّة دخَلَها التخْصيصُ، وقد ثَبَتَ في أصول الفقْهِ أنه إذا وقع التعارُضُ بَيْن الإجمال/ والتَّخْصِيص، كان رَفْع الإجمال أولى لأنَّ العامَّ المخصَّص حُجَّةٌ في غَيْر محلِّ التخصيص [2] ، والمُجْمَلُ لا يكونُ حجّة أصلا. انتهى، وهو حسن،
و [1] ينظر: «مفاتيح الغيب» (10/ 141) . [2] اقتضت حكمة الله أن تكون التكاليف المشروعة في كتابه وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم موضوعة على طريقة العموم وكثيرا ما تكون كذلك في البعض، وعلى طريقة الخصوص في البعض الآخر..
غير أن أغلب ما احتواه القرآن من عام وما اشتملت عليه السنة منه قد تطرق إليه التخصيص، فأخرجه عن عمومه وشموله لجميع الأفراد.. وحكم العام قبل التخصيص دال على أفراده قطعا عند البعض، وظنّا عند آخرين ... ودليل التخصيص تارة يكون عقلا، وتارة يكون كلاما، وتارة لا يكون عقلا ولا كلاما، كالحس، والزيادة، والنقصان، فإن كان المخصص هو العقل، كان العام قطعيا في الباقي إذ ليس فيه ما يورث الشبهة لأن ما يقتضي العقل إخراجه فهو مخرج وغيره باق على ما كان إذ هو في حكم الاستثناء لكنه حذف اعتمادا على العقل، فمثلا ليس في قوله الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ [المائدة: 6] ونظائر ذلك- شبهة في دلالته مع خروج الصبي والمجنون بالعقل، وإلا لما أجمعوا على كفر من جحد العمل بمقتضى الخطابات الواردة بالفرائض من مثل ما معنا، وليس لقائل أن يقول: من الجائز أن تكون قطعيتها بواسطة الإجماع لأنا نقول: هذه الخطابات قطعية قبل أن يتحقق الإجماع.
هكذا أطلق صدر الشريعة في «توضيحه» ، ولم يفصل بين ما إذا كان المخرج بالعقل معلوما أو مجهولا إذ العقل قد يقتضي إخراج بعض معلوم، وقد يقتضي إخراج بعض مجهول، بأن يكون الحكم مما يمتنع على الكل دون البعض مثل: «الرجال في الدار» .
وقد نبه صاحب «التلويح» وغيره على أن المخرج به إن كان مجهولا فهو لا يصلح حجة حتى يتبين المراد منه لأن جهالة المخرج أورثت جهالة في الباقي..
ولا شك أن القول بالقطعية إنما يكون على مذهب من يرى قطعية العام قبل التخصيص، أما من يرى ظنيته فظاهر أنه يكون ظنيا بعده كما كان قبله لأن الاحتمال الذي كان من أجله الحكم بالظنية عندهم باق بعد التخصيص بالعقل، فالحق أن إطلاق القول بالقطعية ليس على ما ينبغي، اللهم إلا إن كان الإطلاق بناء على مذهبه.
وإن كان المخصص غير العقل والكلام فالظاهر أنه لا يبقى قطعيا لاختلاف العادات وخفاء الزيادة والنقصان وعدم إطلاع الحس على تفاصيل الأشياء، اللهم إلا أن يعلم القدر المخصوص قطعا. -
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 163