responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد    جلد : 2  صفحه : 151
فتفكَّرت في حالِي، وكيف أتلَقَّى الغُلَّ، إنْ طُرِحَ في عُنُقِي يوم القيامة، فما زلْتُ في ذلك حتى أُصْبِحَ.
قال ع [1] : وهذه نهايةُ الخَوْف، وخَيْرُ الأمور أوساطها، وليس علماء الأمَّة الذين هم الحُجَّة على هذا المنهاج، وقراءةُ علْمِ كتابِ اللَّه ومَعَانِي سُنَّة رسُوله لِمَنْ يفهم ويرجى نَفْعُه أفضَلُ من هذا، لكنْ يَحْسُنُ ألاَّ تخلُوَ البلاد مِنْ مثل هذا.
قال ع [2] : وحدثني أبي (رحمه اللَّه) ، عَنْ بعضِ علماءِ المَشْرق، قال: كنتُ بائتًا في مسجد الإقدامُ ب «مَصْرَ» فصلَّيْتُ العَتَمَةَ، فرأَيْتُ رجلاً قد اضطجع في كساءٍ له، حتى أصبح، وصلَّينا نَحْنُ تلك اللَّيْلَة، وسَهِرْنَا، فلَمَّا أُقِيمَتْ صلاةُ الصُّبْح، قام ذلك الرجُلُ، فاستقبل القبْلَةَ، وصلى مع النَّاس، فاستعظمت جرأته في الصلاة بغير وضوء، فلَمَّا فرغَتِ الصلاةُ، خرَجَ، فتبعْتُهُ لأعظَهُ، فلَمَّا دنوْتُ منه، سَمِعْتُهُ، وهو ينشد: [المنسوح]
مُنْسَجِنُ الْجِسْمِ غَائِبٌ حَاضِر ... مُنْتَبِهُ القَلْبِ صَامِتٌ ذَاكِرْ
مُنْبَسِطٌ فِي الغُيُوبِ مُنْقَبُض ... كَذَاكَ مَنْ كَانَ عَارِفاً ناكِرْ
يَبِيتُ فِي لَيْلِهِ أَخَا فِكَر ... فَهْوَ مَدَى اللَّيْلِ نَائِمٌ سَاهِرْ
قال: فعلمتُ أنه مِمَّن يعبدُ اللَّهَ بالفِكْرة، فانصرفت [3] عنه.
قال الفَخْر [4] : ودلَّتِ الآية على أنَّ أعلى مراتب الصِّدِّيقين التفكُّر. انتهى.
وفي «العتبية» : قال مالكٌ: قيلَ لأمِّ الدَّرْداء: ما كان أَكْثَر شأن أبي الدَّرْداء؟ قَالَتْ:
كان أَكْثَرُ شَأْنِهِ التفكُّرَ. قال مالكٌ: وهو مِنَ الأعمال، وهو اليَقِينُ قال اللَّه عزَّ وجلَّ:
وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، قال ابنُ رُشْدٍ: والتفكُّر مِنَ الأعمال كما قاله مالك (رحمه اللَّه) ، وهو مِنْ أشرف الأعمال لأنه مِنْ أعمال القُلُوب التي هي أشْرَفُ الجوارحِ أَلاَ ترى أنه لا يُثَابُ أحدٌ على عملٍ مِنْ أعمال الجَوَارح مِنْ سائر الطَّاعات، إلاَّ مع مشارَكَةِ القُلُوبِ لها بإخلاص النِّيَّة للَّه (عَزَّ وجَلَّ) في فعلها. انتهى من «البيان والتحصيل» .

[1] ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 555) .
[2] ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 555) .
[3] وهذا الفعل غير مشروع لأنه يخالف الكتاب والسنة لأن التفكر الذي يجعل العبد يعبد الله (عز وجل) على غير نهجه، فباطل وغير مأجور عليه العبد.
[4] ينظر: «تفسير الرازي» (1/ 122) .
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد    جلد : 2  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست