responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد    جلد : 2  صفحه : 132
يستغفر لهم فيما للَّه علَيْهم مِنْ تَبِعَةٍ، فإذا صاروا في هذه الدَّرَجَة، كانوا أهلاً للاستشارة.
قال ع [1] : ومَنْ لا يستشيرُ أهل العِلْمِ والدِّين، فعَزْلُه واجبٌ، هذا ممَّا لا خلافَ فيه، وقد وردَتْ أحاديثُ كثيرةٌ في الاستشارة، ومُشَاورته- عليه السلام- إنما هي في أمور الحَرْب والبُعُوث ونحوه من أشخاصِ النَّوَازِلِ، فأما في حلالٍ، أو حرامٍ، أو حَدٍّ، فتلك قوانينُ شَرْعٍ، ما فرَّطنا في الكتابِ مِنْ شيء، والشورى مبنيَّة على اختلافِ [2] الآراءِ، والمُسْتَشِيرُ ينظر في ذَلِكَ الخلافِ، ويتخيَّر، فإذا أرشده اللَّه إلى ما شاء منْهُ، عزم علَيْه، وأنفذه متوكِّلاً على اللَّه إذ هو غايةُ الاجتهادِ المَطْلُوب منه، وبهذا أمر اللَّه تعالى نبيَّه في هذه الآيةِ، وصِفَةُ المُسْتشارِ في الأحكامِ أنْ يكونَ عالماً ديِّناً، وقلَّما يكونُ ذلك إلاَّ في عاقلٍ، فقَدْ قال الحَسَنُ ابْنُ أبِي الحَسَنِ: ما كَمَلَ دِينُ امرئ لَمْ يَكْمَلْ عَقْلُهُ [3] .
قال ع [4] : والتوكُّل على اللَّه سبحانه وتعالى مِنْ فروض الإيمانِ وفصولِهِ، ولكنَّه مقترنٌ بالجِدِّ في الطاعاتِ، والتَّشْميرِ والحَزَامَةِ بغايةِ الجُهْدِ، وليس الإلقاء باليدِ وما أشبهه

[1] ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 534) .
[2] الشورى: مصدر بمعنى التشاور، يقال: تشاور القوم إذا اجتمعوا على الأمر ليستشير كل واحد منهم صاحبه، ويستخرج ما عنده من رأي، من قولهم: شرت الدابة: إذا عرضتها على مشتريها ليبلوها وينظر ما عندها، وبالعرض يعلم خيرها وشرها، فكذلك بالتشاور يعلم خير الأمور وشرها.
والشورى دعامة الحكومة الإسلامية، وعليها مدار انتظامها وحسن سلوكها وسعادتها، فأعدل الحكومات هي الحكومة الشورية، لذلك عنى الله (سبحانه وتعالى) بأمرها حتى قرر أصولها، في كثير من آيات الذكر الحكيم، وأمر بها رسوله المعصوم، قال تعالى: وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ [الشورى: 38] ، فامتدحهم بأن أمرهم شورى بينهم وقرنوه بأصل الإيمان، وهو الاستجابة إلى الله، وبأقوى أركانه وهو الصلاة، وفي هذا تنويه بشأنها، وإعلاء من أمرها، وتنبيه على أنها من أصول الإسلام ودعائمه.
وقال تعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلّم: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ [آل عمران: 159] .
روي عن الحسن البصري أنه قال في تفسير هذه الآية: «قد علم الله أنه ما به إليهم من حاجة، ولكن أراد أن يستنّ به من بعده» .
وقال البيضاوي في تفسيرها: عاملهم معاملة العفو والصفح فيما يختص بك، واطلب المغفرة لهم، واستظهر برأيهم، وشاورهم في أمر الحرب وفي كل ما تصح فيه المشاورة لتطييب نفوسهم ولتمهيد سنة المشاورة لأمتك.
ينظر: «الخلافة» لشيخنا عبد الفتاح الجوهري.
[3] ذكره ابن عطية في «تفسيره» (1/ 534) .
[4] ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 534) .
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد    جلد : 2  صفحه : 132
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست