نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 117
بعدهم كسعدِ بْنِ الرَّبيع [1] ، ووصيته يومئذٍ للأنصار، وأَنَسِ بْنِ النَّضرِ [2] ، وغيرهما، ثم يَدْخُلُ في الآية الشاكرون إلى يوم القيامةِ، وقال عليٌّ (رضي اللَّه عنه) في تفسير هذه الآية [3] : الشاكِرُونَ الثَّابِتُونَ على دِينِهِمْ أبو بَكْر، وأصحابه، وكان يقولُ: أبُو بَكْرٍ/ أَمِيرُ الشَّاكِرِينَ إشارة منه إلى صَدْعِ أبي بَكْر بهذه الآيةِ يوم موت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وثبوتِهِ في ذلك المَوْطِن، وثبوتِهِ في أمْرِ الرِّدَّة، وسائرِ المواطنِ التي ظَهَرَ فيها شُكْرُهُ، وشُكْرُ الناس بسببه، ثم أخبر عزَّ وجلَّ عن النفوسِ أنها إنما تَمُوتُ بَأجَلٍ مَكْتُوبٍ محتومٍ عند اللَّه تعالى، أي:
فالجُبْنُ والخَوَرُ لا يزيدُ في الأجَلِ، والشَّجَاعَةُ والإقدامُ لا ينقصُ منه، وفي هذه الآية تقويةٌ للنفوس في الجهادِ، وفيها ردٌّ على المعتزلة في قَوْلِهِمْ بِالأَجَلَيْنِ.
وقوله سبحانه: وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها ... الآية، أي: نؤت من شئْنا منها ما قُدِّرَ له يبيِّن ذلك قوله تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها مَا نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ [الإسراء: 18] ، وقرينةُ الكلامِ تقتضي أنه لا يؤتى شيْئاً من الآخرة لأنَّ مَنْ كانَتْ نيَّته من عمله مقصورةً على طَلَب الدُّنْيا، فلا نَصِيبَ له في الآخرة، والأعمال بالنيَّات، وقرينةُ الكلامِ مِنْ قوله: وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها لا تمنع أنْ يؤتى نصيباً من الدنيا، قال ابنُ فُورَكَ في قوله تعالى: وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ: إشارة إلى أنه ينعِّمهم بِنعَمِ الدُّنْيا، لا أنهم يقصرون عَلَى الآخرة [4] .
ثم ضَرَب سبحانه المثل للمؤمنينَ بمَنْ سَلَف مِنْ صالح الأمم الذين لم يَثْنِهِمْ عن دينهم قَتْلُ الكُفَّار لأنبيائِهِمْ، فقال: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ... الآية: وفي «كَأَيِّنْ» لغاتٌ، فهذه اللغة أصلها [5] لأنها كافُ التشبيه دخلت على «أيّ» ، و «كأيّن» في [1] سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغرّ بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج، الأنصاريّ، الخزرجيّ، أحد نقباء الأنصار. ينظر: «الإصابة» (3/ 49) . [.....] [2] أنس بن النضر بن ضمضم الأنصاري، الخزرجي، عمّ أنس بن مالك خادم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. ينظر: «الإصابة» (1/ 281) . [3] أخرجه الطبري في «تفسيره» (3/ 455) برقم (7937) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (1/ 516) ، والسيوطي بنحوه في «الدر المنثور» (2/ 145) ، وعزاه لابن جرير. [4] ذكره ابن عطية في «تفسيره» (1/ 518) . [5] هذه اللفظة قيل: مركبة من كاف التشبيه ومن «أيّ» ، وحدث فيها بعد التركيب معنى التكثير المفهوم من «كم» الخبرية، ومثلها في التركيب وإفهام التكثير: «كذا» في قولهم: «له عندي كذا كذا درهما» والأصل:
كاف التشبيه و «ذا» الذي هو اسم إشارة، فلمّا ركّبا حدث فيهما معنى التكثير، وكم الخبرية و «كأيّن» و «كذا» كلّها بمعنى واحد، وقد عهدنا في التركيب إحداث معنى آخر ألا ترى أنّ «لولا» حدث لها معنى جديد. «وكأيّن» من حقّها على هذا أن يوقف عليها بغير نون لأنّ التنوين يحذف وقفا، إلا أنّ-
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 2 صفحه : 117