نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 1 صفحه : 422
ثم ذكّرهم سبحانه بحالِ ضلالهم ليظهر قدر إِنعامه عليهم.
وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ، أي: من قبل الهدى.
وقوله سبحانه: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ المخاطب بهذه الآيةِ قريشٌ، ومن وَلَدَتْ، قاله ابن عبَّاس وغيره [1] ، وذلك أنهم كانوا لا يخرجُونَ من الحَرَم، ويَقِفُون بجَمْعٍ، ويفيضون منْه، مع معرفته أنَّ عرفة هي موقفُ إِبراهيم، فقِيلَ لهم: أفيضُوا من حيثُ أفاضَ النَّاس، أي: من عرفة، و «ثُمَّ» ليست في هذه الآية للترتيبِ، إِنما هي لعطف جملة كلامٍ على جملة هي منها منقطعةٌ.
وقال الضَّحَّاك: المخاطب بالآيةِ جملةُ الأمَّة، والمرادُ بالناسِ إبراهيم، ويحتملُ أن تكون إِفاضةً أخرى، وهي التي من المزدلفة [2] ، وعلى هذا عوَّل الطَبريُّ [3] ، فتكون «ثُمَّ» على بابها، وقرأ سعيدُ بن جُبَيْر: «النَّاسِي» [4] ، وتأوَّله آدم- عليه السلام-، وأمر عز وجل بالاستغفار لأنها مواطنه، ومظَانُّ القبولِ، ومساقطُ الرحْمَةِ، وفي الحديث أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم خَطَب عشيَّة عَرَفَةَ، فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَطَاوَلَ عَلَيْكُمْ فِي مَقَامِكُمْ هَذَا، فَقَبِلَ مِنْ مُحْسِنِكُمْ وَوَهَبَ مُسِيئَكُمْ لِمُحْسِنِكُمْ، إِلاَّ التَّبِعَاتِ فِيمَا بَيْنَكُمْ، أَفِيضُوا عَلَى اسم اللَّهِ» ، فَلَمَّا كَانَ غَدَاةَ جَمْعٍ، خَطَبَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ تَطَاوَلَ عَلَيْكُمْ، فَعَوَّضَ التّبعات من عنده» [5] . [1] أخرجه الطبري في «التفسير» (2/ 307) ، وذكره البغوي في «معالم التنزيل» (1/ 175) ، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 275) . [2] ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (1/ 275) . [3] الطبري لم يصرح بموافقته لتأويل الضحاك، وإنما احترز بوجود الإجماع على خلافه، ولولا الإجماع لقال بقوله. ينظر: «جامع البيان» (4/ 190- 191) . [4] واستدل بها أبو الفتح على أن لام التعريف تدخل على الأعلام للذم كما تدخلها للمدح، فمن الأول قولهم: فلان بن الصّعق لأن ذلك داء ناله، فهى بلوى. ومن الثاني: المظفر، والعباس ونحوهما.
ينظر: «المحتسب» (1/ 119) ، و «الشواذ» (ص 20) ، و «المحرر الوجيز» (1/ 276) ، و «البحر المحيط» (2/ 109) ، و «الدر المصون» (1/ 497) . [5] ذكر ابن الجوزي في «الموضوعات» (2/ 215) أحاديث بهذا المعنى عن أنس، وابن عمر، وعبادة.
وقال: ليس في هذه الأحاديث شيء يصح.
نام کتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن نویسنده : الثعالبي، أبو زيد جلد : 1 صفحه : 422