responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 530
مِائَةَ جَلْدَةٍ
[النُّورِ: 2] وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ جَعْلَ هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانًا لِإِحْدَى الْآيَتَيْنِ وَمُخَصِّصًا لِلْآيَةِ الْأُخْرَى، أَوْلَى مِنَ الْحُكْمِ بِوُقُوعِ النَّسْخِ مِرَارًا، وَكَيْفَ وَآيَةُ الْحَبْسِ مُجْمَلَةٌ قَطْعًا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ السَّبِيلَ كَيْفَ هُوَ؟ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنَ الْمُبِيِنِ، وَآيَةُ الْجَلْدِ مَخْصُوصَةٌ وَلَا بُدَّ لَهَا مِنَ الْمُخَصِّصِ، فَنَحْنُ جَعَلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مُبَيِّنًا لِآيَةِ/ الْحَبْسِ مُخَصِّصًا لِآيَةِ الْجَلْدِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَدْ وَقَعَ النَّسْخُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: آيَةُ الْحَبْسِ صَارَتْ مَنْسُوخَةً بِدَلَائِلِ الرَّجْمِ، فَظَهَرَ أَنَّ الَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: فِي دَفْعِ كَلَامِ الرَّازِيِّ: إِنَّكَ تُثْبِتُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ آيَةُ الْجَلْدِ مُتَقَدِّمَةً عَلَى
قَوْلِهِ: «خُذُوا عَنِّي»
فَلِمَ قُلْتَ إِنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ مُتَأَخِّرَةً عَنْهُ؟ وَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ذَكَرَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ؟ وَتَقْدِيرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ مَخْصُوصٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ الْمُسْلِمِ، وَتَأْخِيرُ بَيَانِ الْمُخَصِّصِ عَنِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَكَ وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْمُعْتَزِلَةِ، لِمَا أَنَّهُ يُوهِمُ التَّلْبِيسَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَثَبَتَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مُقَارِنًا لِنُزُولِ قَوْلِهِ: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ سَقَطَ قَوْلُكَ: إِنَّ الْحَدِيثَ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَى آيَةِ الْجَلْدِ.
هَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ من يقول: هذا الْآيَةُ أَعْنِي آيَةَ الْحَبْسِ نَازِلَةٌ فِي حَقِّ الزُّنَاةِ، فَثَبَتَ أَنَّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَمْ يُثْبِتِ الدَّلِيلُ كَوْنَهَا مَنْسُوخَةً، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيِّ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: الْقَائِلُونَ بِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَازِلَةٌ فِي الزِّنَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمْ سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: مَا الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: مِنْ نِسائِكُمْ؟
الْجَوَابُ فِيهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: الْمُرَادُ، مِنْ زَوْجَاتِكُمْ كَقَوْلِهِ: وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ [الْمُجَادَلَةِ:
3] وَقَوْلُهُ: مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ [النِّسَاءِ: 23] وَثَانِيهَا: مِنْ نِسَائِكُمْ، أَيْ مِنَ الْحَرَائِرِ كَقَوْلِهِ:
وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ [الْبَقَرَةِ: 282] وَالْغَرَضُ بَيَانُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْإِمَاءِ. وَثَالِثُهَا: مِنْ نِسَائِكُمْ، أَيْ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَرَابِعُهَا: مِنْ نِسَائِكُمْ، أَيْ مِنَ الثَّيِّبَاتِ دُونَ الْأَبْكَارِ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ؟
الْجَوَابُ: فَخَلِّدُوهُنَّ مَحْبُوسَاتٍ فِي بُيُوتِكُمْ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِنَّمَا تَقَعُ فِي الزِّنَا عِنْدَ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ، فَإِذَا حُبِسَتْ فِي الْبَيْتِ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الزِّنَا، وَإِذَا اسْتَمَرَّتْ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ تَعَوَّدَتِ الْعَفَافَ وَالْفِرَارَ عَنِ الزِّنَا.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: مَا مَعْنَى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ وَالْمَوْتُ وَالتَّوَفِّي بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَصَارَ فِي التَّقْدِيرِ: أَوْ يُمِيتُهُنَّ الْمَوْتُ؟
الْجَوَابُ: يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ مَلَائِكَةُ الْمَوْتِ، كَقَوْلِهِ: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ [النَّحْلِ:
38] قُلْ/ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ [السَّجْدَةِ: 11] أَوْ حَتَّى يَأْخُذَهُنَّ الْمَوْتُ وَيَسْتَوْفِيَ أَرْوَاحَهُنَّ.
السُّؤَالُ الرَّابِعُ: إِنَّكُمْ تُفَسِّرُونَ قَوْلَهُ: أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا بِالْحَدِيثِ وَهُوَ
قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ تُجْلَدُ وَالثَّيِّبُ تُرْجَمُ»
وَهَذَا بَعِيدٌ، لِأَنَّ هَذَا السَّبِيلَ عَلَيْهَا لَا لَهَا، فَإِنَّ الرَّجْمَ لَا شَكَّ أَنَّهُ أَغْلَظُ مِنَ الْحَبْسِ.
وَالْجَوَابُ:
أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَسَّرَ السَّبِيلَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 530
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست