responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 484
بِقَوْلِهِ: وَابْتَلُوا الْيَتامى [النِّسَاءِ: 6] وَبِقَوْلِهِ: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ [النِّسَاءِ: 5] حَرَّمَ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ إِيتَاءَهُمْ أَمْوَالَهُمْ إِذَا كَانُوا سُفَهَاءَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخَاصَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ. وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : وَلَا تَتَبَدَّلُوا، أَيْ وَلَا تَسْتَبْدِلُوا، وَالتَّفَعُّلُ بِمَعْنَى الِاسْتِفْعَالِ غَيْرُ عَزِيزٍ، وَمِنْهُ التَّعَجُّلُ بِمَعْنَى الِاسْتِعْجَالِ، وَالتَّأَخُّرُ بِمَعْنَى الِاسْتِئْخَارِ. وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: يُقَالُ: تَبَدَّلَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إِذَا أَخَذَهُ مَكَانَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي تَفْسِيرِ هَذَا التَّبَدُّلِ وُجُوهٌ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: لَا تَسْتَبْدِلُوا الْحَرَامَ وَهُوَ مَالُ الْيَتَامَى، بِالْحَلَالِ وَهُوَ مَالُكُمُ الَّذِي أُبِيحَ لَكُمْ مِنَ الْمَكَاسِبِ وَرِزْقِ اللَّهِ الْمَبْثُوثِ فِي الْأَرْضِ، فَتَأْكُلُوهُ مَكَانَهُ. الثَّانِي: لَا تَسْتَبْدِلُوا الْأَمْرَ الْخَبِيثَ، وَهُوَ اخْتِزَالُ أَمْوَالِ الْيَتَامَى، بِالْأَمْرِ الطَّيِّبِ وَهُوَ حِفْظُهَا وَالتَّوَرُّعُ مِنْهَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ إِنَّهُ كَانَ وَلِيَّ الْيَتِيمِ يَأْخُذُ الْجَيِّدَ مِنْ مَالِهِ وَيَجْعَلُ مَكَانَهُ الدُّونَ، يَجْعَلُ الزَّائِفَ بَدَلَ الْجَيِّدِ، وَالْمَهْزُولَ بَدَلَ السَّمِينِ، وَطَعَنَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» فِي هَذَا الْوَجْهِ، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا بِتَبَدُّلٍ إِنَّمَا هُوَ تَبْدِيلٌ إِلَّا أَنْ يُكَارِمَ صَدِيقًا لَهُ فَيَأْخُذَ مِنْهُ عَجْفَاءَ مَكَانَ سَمِينَةٍ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ. الرَّابِعُ: / هُوَ أَنَّ هَذَا التَّبَدُّلَ مَعْنَاهُ: أَنْ يَأْكُلُوا مَالَ الْيَتِيمِ سَلَفًا مَعَ الْتِزَامِ بَدَلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَفِي هَذَا يَكُونُ مُتَبَدِّلًا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ وَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: مَعْنَاهُ وَلَا تَضُمُّوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ فِي الْإِنْفَاقِ حتى تفرقوا بين أموالكم وأموالهم في حل الِانْتِفَاعِ بِهَا. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ «إِلَى» بِمَعْنَى «مَعَ» قَالَ تَعَالَى: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ [آلِ عِمْرَانَ: 52] أَيْ مَعَ اللَّهِ، وَالْأَوَّلُ: أَصَحُّ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى وَإِنْ ذَكَرَ الْأَكْلَ، فَالْمُرَادُ بِهِ التَّصَرُّفُ لِأَنَّ أَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ كَمَا يَحْرُمُ، فَكَذَا سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ الْمُهْلِكَةِ لِتِلْكَ الْأَمْوَالِ مُحَرَّمَةٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ فِي الْمَالِ مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُؤْكَلَ، فَثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ التَّصَرُّفُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْأَكْلَ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ مَا يَقَعُ لِأَجْلِهِ التَّصَرُّفُ.
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ أَكْلَ أَمْوَالِ الْيَتَامَى ظُلْمًا فِي الْآيَةِ الْأُولَى الْمُتَقَدِّمَةِ دَخَلَ فِيهَا أَكْلُهَا وَحْدَهَا وَأَكْلُهَا مَعَ غَيْرِهَا، فَمَا الْفَائِدَةُ فِي إِعَادَةِ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِهَا مَعَ أَمْوَالِهِمْ؟
قُلْنَا: لِأَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا مُسْتَغْنِينَ عَنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى بِمَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ مِنْ حَلَالٍ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَطْمَعُونَ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى، كَانَ الْقُبْحُ أَبْلَغَ وَالذَّمُّ أَحَقَّ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى عَرَّفَ الْخَلْقَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ أَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ الْمُحَرَّمَةِ إِثْمٌ عَظِيمٌ فَقَالَ:
إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً قَالَ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْكِنَايَةُ تَعُودُ إِلَى الْأَكْلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَلا تَأْكُلُوا دَلَّ عَلَى الْأَكْلِ وَالْحُوبُ الْإِثْمُ الْكَبِيرُ.
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِنَّ طَلَاقَ أَمِّ أَيُّوبَ لَحُوبٌ»
وَكَذَلِكَ الْحَوْبُ وَالْحَابُ ثَلَاثُ لُغَاتٍ فِي الِاسْمِ وَالْمَصْدَرِ قَالَ الْفَرَّاءُ: الْحَوْبُ لِأَهْلِ الْحِجَازِ، وَالْحَابُ لِتَمِيمٍ، وَمَعْنَاهُ الْإِثْمُ
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي وَاغْسِلْ حَوْبَتِي»
قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : الْحَوْبُ وَالْحَابُ كَالْقَوْلِ وَالْقَالِ. قَالَ الْقَفَّالُ: وَكَأَنَّ أَصْلَ الْكَلِمَةِ مِنَ التَّحَوُّبِ وَهُوَ التَّوَجُّعُ، فَالْحُوبُ هُوَ ارْتِكَابُ مَا يَتَوَجَّعُ الْمُرْتَكِبُ مِنْهُ، وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ: الْحَوْبُ بِفَتْحِ الْحَاءِ مَصْدَرٌ، وَالْحُوبُ بِالضَّمِّ الِاسْمُ، وَالْحَوْبَةُ، الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ، ثُمَّ يَدْخُلُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 484
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست