responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 467
وَلِأَنَّ الْوَصْفَ أَوِ الْحَالَ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْهُ، وَأَنَّهُ يُقَالُ: سَمِعْتُ كَلَامَ فُلَانٍ أَوْ قوله.
المسألة الرابعة: هاهنا سُؤَالٌ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: مَا الْفَائِدَةُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُنَادِي وَيُنَادِي؟
وَجَوَابُهُ: ذُكِرَ النِّدَاءُ مُطْلَقًا ثَمَّ مُقَيَّدًا بِالْإِيمَانِ تَفْخِيمًا لِشَأْنِ الْمُنَادِي، لِأَنَّهُ لَا مُنَادِيَ أَعْظَمُ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي لِلْإِيمَانِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُكَ: مَرَرْتُ بِهَادٍ يَهْدِي لِلْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُنَادِيَ إِذَا أُطْلِقَ ذَهَبَ الْوَهْمُ إِلَى مُنَادٍ لِلْحَرْبِ، أَوْ لِإِطْفَاءِ النَّائِرَةِ، أَوْ لِإِغَاثَةِ الْمَكْرُوبِ، أَوِ الْكِفَايَةِ لِبَعْضِ النَّوَازِلِ، وَكَذَلِكَ الهادي، وقد يُطْلَقُ عَلَى مَنْ يَهْدِي لِلطَّرِيقِ، وَيَهْدِي لِسَدَادِ الرَّأْيِ، فَإِذَا قُلْتَ يُنَادِي لِلْإِيمَانِ وَيَهْدِي لِلْإِسْلَامِ فَقَدْ رَفَعْتَ مِنْ شَأْنِ الْمُنَادِي وَالْهَادِي وَفَخَّمْتَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ: أَنْ آمِنُوا فِيهِ حَذْفٌ أَوْ إِضْمَارٌ، وَالتَّقْدِيرُ: آمِنُوا أَوْ بِأَنْ آمِنُوا، ثُمَّ حَكَى اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ: فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّهُمْ طَلَبُوا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذَا الدُّعَاءِ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: أَوَّلُهَا: غُفْرَانُ الذُّنُوبِ، وَثَانِيهَا: تَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ، وَثَالِثُهَا: أَنْ تَكُونَ وَفَاتُهُمْ مَعَ الْأَبْرَارِ. أَمَّا الْغُفْرَانُ فَهُوَ السَّتْرُ وَالتَّغْطِيَةُ، وَالتَّكْفِيرُ أَيْضًا هُوَ التَّغْطِيَةُ، يُقَالُ: رَجُلٌ مُكَفَّرٌ بِالسِّلَاحِ، أَيْ مُغَطًّى بِهِ، وَالْكُفْرُ مِنْهُ أَيْضًا، وَقَالَ لَبِيدٌ:
فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ ظَلَامُهَا
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا: فَالْمَغْفِرَةُ وَالتَّكْفِيرُ بِحَسَبِ اللُّغَةِ مَعْنَاهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ.
أَمَّا الْمُفَسِّرُونَ فَذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا أُعِيدَ ذَلِكَ لِلتَّأْكِيدِ لِأَنَّ الْإِلْحَاحَ فِي الدُّعَاءِ وَالْمُبَالَغَةَ فِيهِ مَنْدُوبٌ، وَثَانِيهَا: الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الذُّنُوبِ، وَبِالثَّانِي الْمُسْتَأْنَفُ، وَثَالِثُهَا: أَنْ يُرِيدَ بِالْغُفْرَانِ مَا يَزُولُ بِالتَّوْبَةِ، وَبِالْكُفْرَانِ مَا تُكَفِّرُهُ الطَّاعَةُ الْعَظِيمَةُ، وَرَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ مَا أَتَى بِهِ الْإِنْسَانُ مَعَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً وَذَنْبًا، وَبِالثَّانِي: مَا أَتَى بِهِ الْإِنْسَانُ مَعَ جَهْلِهِ بِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً وَذَنْبًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ فَفِيهِ بَحْثَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَبْرَارَ جَمْعُ بَرٍّ أَوْ بَارٍّ، كَرَبٍّ وَأَرْبَابٍ، وَصَاحِبٍ وَأَصْحَابٍ، الثَّانِي: ذَكَرَ الْقَفَّالُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْمَعِيَّةِ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ وَفَاتَهُمْ مَعَهُمْ هِيَ أَنْ يَمُوتُوا عَلَى مِثْلِ أَعْمَالِهِمْ حَتَّى يَكُونُوا فِي دَرَجَاتِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ أَنَا مَعَ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَيُرِيدُ بِهِ كَوْنَهُ مُسَاوِيًا لَهُ فِي ذَلِكَ الِاعْتِقَادِ، وَالثَّانِي: يُقَالُ فُلَانٌ فِي الْعَطَاءِ مَعَ أَصْحَابِ الْأُلُوفِ، أَيْ هُوَ مُشَارِكٌ لَهُمْ فِي أَنَّهُ يُعْطِي أَلْفًا. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ كَوْنَهُمْ فِي جُمْلَةِ أَتْبَاعِ الْأَبْرَارِ وَأَشْيَاعِهِمْ، وَمِنْهُ قَوْلِهِ: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ [النِّسَاءِ: 69] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: احْتَجَّ أَصْحَابُنَا عَلَى حُصُولِ الْعَفْوِ بِدُونِ التَّوْبَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ:
فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ طَلَبُوا غُفْرَانَ الذُّنُوبِ وَلَمْ يَكُنْ لِلتَّوْبَةِ فِيهِ ذِكْرٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ طَلَبُوا الْمَغْفِرَةَ مُطْلَقًا، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجَابَهُمْ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ الْآيَةِ:
فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ [آلِ عِمْرَانَ: 195] . وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ يَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدِ التَّوْبَةُ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَمَّا أَخْبَرُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا، فَعِنْدَ هَذَا قَالُوا: فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَاغْفِرْ فَاءُ الْجَزَاءِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِيمَانِ سَبَبٌ لِحُسْنِ طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ مِنَ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجَابَهُمْ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِيمَانِ سَبَبٌ لِحُصُولِ الْغُفْرَانِ، إِمَّا مِنَ الِابْتِدَاءِ وَهُوَ بِأَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَلَا يُدْخِلَهُمُ النَّارَ أَوْ بِأَنْ يُدْخِلَهُمُ النَّارَ وَيُعَذِّبَهُمْ مُدَّةً ثُمَّ يَعْفُو عَنْهُمْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 467
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست