responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 465
مُؤْمِنٌ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُخْزَى لِقَوْلِهِ: يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ [التَّحْرِيمِ: 8] وَلِقَوْلِهِ: وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ [آلِ عِمْرَانَ: 194] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ [آل عمران: 195] وَهَذِهِ الِاسْتِجَابَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَا يُخْزِي الْمُؤْمِنِينَ، فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ لَا يَخْزَى بِالنَّارِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ كُلَّ مَنْ دَخَلَ النَّارَ فَإِنَّهُ يَخْزَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَحِينَئِذٍ يَتَوَلَّدُ مِنْ هَاتَيْنِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ الْقَطْعُ بِأَنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ لَا يَدْخُلُ النَّارَ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ: أَنَّ قَوْلَهُ: يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ [التَّحْرِيمِ: 8] لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْإِخْزَاءِ مُطْلَقًا، بَلْ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْإِخْزَاءِ حَالَ كَوْنِهِمْ مَعَ النَّبِيِّ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي حُصُولَ الْإِخْزَاءِ فِي وَقْتٍ آخَرَ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ: إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ عَامٌّ دَخَلَهُ الْخُصُوصُ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا [مَرْيَمَ: 71، 72] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ الْمُؤْمِنِينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ، وَأَهْلُ الثَّوَابِ يُصَانُونَ عَنِ الْخِزْيِ. وَثَانِيهَا: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ يَكُونُونَ فِي النَّارِ، وَهُمْ أَيْضًا يُصَانُونَ عَنِ الْخِزْيِ. قَالَ تَعَالَى: عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ [التَّحْرِيمِ:
6] .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: احْتَجَّ حُكَمَاءُ الْإِسْلَامِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْعَذَابَ الرُّوحَانِيَّ أَشَدُّ وَأَقْوَى مِنَ الْعَذَابِ الْجُسْمَانِيِّ، قَالُوا: لِأَنَّ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى التَّهْدِيدِ بَعْدَ عَذَابِ النَّارِ بِالْخِزْيِ، وَالْخِزْيُ عِبَارَةٌ عَنِ التَّخْجِيلِ وَهُوَ عَذَابٌ رُوحَانِيٌّ، فَلَوْلَا أَنَّ الْعَذَابَ الرُّوحَانِيَّ أَقْوَى مِنَ الْعَذَابِ الْجُسْمَانِيِّ وَإِلَّا لَمَا حَسُنَ تَهْدِيدُ مَنْ عُذِّبَ بِالنَّارِ بِعَذَابِ الْخِزْيِ وَالْخَجَالَةِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: احْتَجَّتِ الْمُعْتَزِلَةُ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْفُسَّاقَ الَّذِينَ دَخَلُوا النَّارَ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا بَلْ يَبْقُونَ هُنَاكَ مُخَلَّدِينَ، وَقَالُوا: الْخِزْيُ هُوَ الْهَلَاكُ، فَقَوْلُهُ: إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ مَعْنَاهُ فَقَدْ أَهْلَكْتَهُ، وَلَوْ كَانُوا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ إِلَى الْجَنَّةِ لَمَا صَحَّ أَنَّ كُلَّ مَنْ دَخَلَ النَّارَ فَقَدْ هَلَكَ. وَالْجَوَابُ: أَنَّا لَا نُفَسِّرُ الْخِزْيَ بِالْإِهْلَاكِ بَلْ نُفَسِّرُهُ بِالْإِهَانَةِ وَالتَّخْجِيلِ، وَعِنْدَ هَذَا يَزُولُ كَلَامُكُمْ.
أَمَّا قوله تعالى: وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ وفيه مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْمُعْتَزِلَةُ تَمَسَّكُوا بِهِ فِي نَفْيِ الشَّفَاعَةِ لِلْفُسَّاقِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّفَاعَةَ نَوْعُ نُصْرَةٍ، وَنَفْيُ الْجِنْسِ يَقْتَضِي نَفْيَ النَّوْعِ.
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الظَّالِمَ بِالْإِطْلَاقِ هُوَ الْكَافِرُ، قَالَ تَعَالَى:
وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الْبَقَرَةِ: 254] وَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ خَصَّصُوا أَنْفُسَهُمْ بِنَفْيِ الشُّفَعَاءِ وَالْأَنْصَارِ حَيْثُ قَالُوا: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ [الشعرا: 101] وَثَانِيهَا: أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَشْفَعَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [الْبَقَرَةِ: 255] وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنِ الشَّفِيعُ قَادِرًا عَلَى النُّصْرَةِ إِلَّا بَعْدَ الْإِذْنِ، وَإِذَا حَصَلَ الْإِذْنُ لَمْ يَكُنْ فِي شَفَاعَتِهِ فَائِدَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ الْعَفْوَ إِنَّمَا حَصَلَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَتِلْكَ الشَّفَاعَةُ مَا كَانَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَيْسَ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ، فَقَوْلُهُ: وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ كَمَا قَالَ: أَلا لَهُ الْحُكْمُ [الْأَنْعَامِ: 62] وَقَالَ:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 465
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست