responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 438
عَلَى الْفِعْلِ أَوْ عَلَى التَّرْكِ إِلَّا بَعْدَ إِمْعَانِ النَّظَرِ وَكَثْرَةِ الْفِكْرِ، وَهَؤُلَاءِ يُقْدِمُونَ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ عَلَى التَّرْكِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمُهِمِّ الْعَظِيمِ بِأَهْوَنِ الْأَسْبَابِ وَأَضْعَفِ الْمُوجِبَاتِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ عَقْلِهِمْ وَشِدَّةِ حَمَاقَتِهِمْ، فَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ لَا يَلْتَفِتُ الْعَاقِلُ إِلَيْهِمْ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ أَكْثَرَهُمْ إِنَّمَا يُنَازِعُونَكَ فِي الدِّينِ، لَا بِنَاءً عَلَى الشُّبُهَاتِ، بَلْ بِنَاءً عَلَى الْحَسَدِ وَالْمُنَازَعَةِ فِي مَنْصِبِ الدُّنْيَا، وَمَنْ كَانَ عَقْلُهُ هَذَا الْقَدْرَ، وَهُوَ أَنَّهُ يَبِيعُ بِالْقَلِيلِ مِنَ الدُّنْيَا السَّعَادَةَ الْعَظِيمَةَ فِي الْآخِرَةِ كَانَ فِي غَايَةِ الْحَمَاقَةِ، وَمِثْلُهُ لَا يَقْدِرُ فِي إِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْغَيْرِ، فَهَذَا هُوَ الْفَائِدَةُ فِي إِعَادَةِ هَذِهِ الآية والله أعلم بمراده.

[سورة آل عمران (3) : آية 178]
وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (178)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ لِتَثْبِيطِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا ثَبَّطُوهُمْ لِأَنَّهُمْ خَوَّفُوهُمْ بِأَنْ يُقْتَلُوا كَمَا قُتِلَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ أَقْوَالَ هَؤُلَاءِ الشَّيَاطِينِ لَا يَقْبَلُهَا الْمُؤْمِنُ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ، ثُمَّ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ بَقَاءَ هَؤُلَاءِ الْمُتَخَلِّفِينَ لَيْسَ خَيْرًا مِنْ قَتْلِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قُتِلُوا بِأُحُدٍ، لِأَنَّ هَذَا الْبَقَاءَ صَارَ وَسِيلَةً إِلَى الْخِزْيِ فِي الدُّنْيَا وَالْعِقَابِ الدَّائِمِ فِي الْقِيَامَةِ، وَقَتْلُ أُولَئِكَ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ أُحُدٍ صَارَ وَسِيلَةً إِلَى الثَّنَاءِ الْجَمِيلِ فِي الدُّنْيَا وَالثَّوَابِ الْجَزِيلِ فِي الْآخِرَةِ، فَتَرْغِيبُ أُولَئِكَ الْمُثَبِّطِينَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَيَاةِ وَتَنْفِيرُهُمْ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ الْقَتْلِ لَا يَقْبَلُهُ إِلَّا جَاهِلٌ. فَهَذَا بَيَانُ وَجْهِ النَّظْمِ، وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَلَا تَحْسَبُنَّ الَّذِينَ كفروا ولا تحسبن الذين يبخلون [آل عمران: 180] لا تحسبن الذين يفرحون ... فلا تحسبنهم [آل عمران: 188] فِي الْأَرْبَعَةِ بِالتَّاءِ وَضَمَّ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ: تَحْسَبُنَّهُمْ وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ بِالْيَاءِ إِلَّا قوله: فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ فَإِنَّهُ بِالتَّاءِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ كُلَّهَا بِالتَّاءِ، وَاخْتِلَافُ الْقُرَّاءِ فِي فَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا قَدَّمْنَاهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، أَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا بِالْيَاءِ الْمُنَقَّطَةِ مِنْ تَحْتُ: فَقَوْلُهُ:
يَحْسَبَنَّ فِعْلٌ، وَقَوْلُهُ: الَّذِينَ كَفَرُوا فَاعِلٌ يَقْتَضِي مَفْعُولَيْنِ أَوْ مَفْعُولًا يَسُدُّ مَسَدَّ مَفْعُولَيْنِ نَحْوُ حَسِبْتُ، وَقَوْلُهُ: حَسِبْتُ أَنَّ زَيْدًا مُنْطَلِقٌ، وَحَسِبْتُ أَنْ يَقُومَ عَمْرٌو، فَقَوْلُهُ فِي الْآيَةِ: أَنَّما نُمْلِي/ لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ يَسُدُّ مَسَدَّ الْمَفْعُولَيْنِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ [الْفُرْقَانِ: 44] وَأَمَّا قِرَاءَةُ حَمْزَةَ بِالتَّاءِ الْمُنَقَّطَةِ مِنْ فَوْقُ فَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الزَّجَّاجُ، وَهُوَ أَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا نصب بأنه المفعول الاول، وأَنَّما نُمْلِي لَهُمْ بدل عنه. وخَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي وَالتَّقْدِيرُ: وَلَا تَحْسَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ إِمْلَاءَ الَّذِينَ كَفَرُوا خَيْرًا لَهُمْ. وَمِثْلُهُ مِمَّا جَعَلَ «أَنَّ» مَعَ الْفِعْلِ بَدَلًا مِنَ الْمَفْعُولِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ [الْأَنْفَالِ: 7] فَقَوْلُهُ: أَنَّها لَكُمْ بَدَلٌ مِنْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: «مَا» فِي قَوْلِهِ: أَنَّما يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الَّذِي فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ:
لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ الَّذِي نُمْلِيهِ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ، وَحَذَفَ الْهَاءَ مِنْ «نُمْلِي» لِأَنَّهُ يَجُوزُ حَذْفُ الْهَاءِ مِنْ صِلَةِ الَّذِي كَقَوْلِكَ: الَّذِي رَأَيْتُ زَيْدٌ، وَالْآخَرُ: أَنْ يُقَالَ: «مَا» مَعَ مَا بَعْدَهَا فِي تَقْدِيرِ الْمَصْدَرِ، وَالتَّقْدِيرُ: لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ إِمْلَائِي لَهُمْ خَيْرٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : «مَا» مَصْدَرِيَّةٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَانَ حَقُّهَا فِي قِيَاسِ عِلْمِ الْخَطِّ أَنْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 438
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست