responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 431
قُلْنَا: الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الِاسْتِبْشَارَ هُوَ الْفَرَحُ التَّامُّ فَلَا يَلْزَمُ التَّكْرَارُ. وَالثَّانِي: لَعَلَّ الْمُرَادَ حُصُولُ الْفَرَحِ بِمَا حَصَلَ فِي الْحَالِ، وَحُصُولُ الِاسْتِبْشَارِ بِمَا عَرَفُوا أَنَّ النِّعْمَةَ الْعَظِيمَةَ تَحْصُلُ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ النِّعْمَةُ هِيَ الثَّوَابُ وَالْفَضْلُ هُوَ التَّفَضُّلُ الزَّائِدُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اسْتِبْشَارَهُمْ بِسَعَادَةِ إِخْوَانِهِمْ أَتَمُّ مِنِ اسْتِبْشَارِهِمْ بِسَعَادَةِ أَنْفُسِهِمْ، لِأَنَّ الِاسْتِبْشَارَ الْأَوَّلَ فِي الذِّكْرِ هُوَ بِأَحْوَالِ الْإِخْوَانِ، وَهَذَا، تَنْبِيهٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنَّ فَرَحَ الْإِنْسَانِ بِصَلَاحِ أَحْوَالِ إِخْوَانِهِ وَمُتَعَلِّقِيهِ، يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَتَمَّ وَأَكْمَلَ مِنْ فَرَحِهِ بِصَلَاحِ أَحْوَالِ نَفْسِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ الْكِسَائِيُّ وَإِنَّ اللَّهَ بِكَسْرِ الْأَلِفِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا عَلَى مَعْنَى:
وَبِأَنَّ اللَّهَ، وَالتَّقْدِيرُ: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَبِأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْقِرَاءَةُ الْأُولَى أَتَمُّ وَأَكْمَلُ لِأَنَّ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ يَكُونُ الِاسْتِبْشَارُ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَقَطْ، وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ الِاسْتِبْشَارُ بِالْفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ وَطَلَبِ الْأَجْرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَقَامَ الْأَوَّلَ أَكْمَلُ لِأَنَّ كَوْنَ الْعَبْدِ مُشْتَغِلًا بِطَلَبِ اللَّهِ أَتَمُّ مِنِ اشْتِغَالِهِ بِطَلَبِ أَجْرِ عَمَلِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ بَيَانُ أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ إِيصَالِ الثَّوَابِ وَالسُّرُورِ الْعَظِيمِ إِلَى الشُّهَدَاءِ لَيْسَ حُكْمًا مَخْصُوصًا بِهِمْ، بَلْ كُلُّ مُؤْمِنٍ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنَ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُوصِلُ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ وَلَا يُضِيعُهُ أَلْبَتَّةَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْآيَةُ عِنْدَنَا دَالَّةٌ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ فُسَّاقِ أَهْلِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ بِإِيمَانِهِ اسْتَحَقَّ الْجَنَّةَ/ فَلَوْ بَقِيَ بِسَبَبِ فِسْقِهِ فِي النَّارِ مُؤَبَّدًا مُخَلَّدًا لَمَا وَصَلَ إِلَيْهِ أَجْرُ إِيمَانِهِ، فَحِينَئِذٍ يَضِيعُ أَجْرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى إِيمَانِهِمْ وذلك خلاف الآية.

[سورة آل عمران (3) : آية 172]
الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ] اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَدَحَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى غَزْوَتَيْنِ، تُعْرَفُ إِحْدَاهُمَا بِغَزْوَةِ حَمْرَاءِ الْأَسَدِ، وَالثَّانِيَةُ بِغَزْوَةِ بَدْرٍ الصُّغْرَى، وَكِلَاهُمَا مُتَّصِلَةٌ بِغَزْوَةِ أُحُدٍ، أَمَّا غَزْوَةُ حَمْرَاءِ الْأَسَدِ فَهِيَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي مَحَلِّ الَّذِينَ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ الزَّجَّاجِ أَنَّهُ رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ إِلَى آخِرِ هَذِهِ الْآيَةِ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ هُوَ الْخَفْضَ عَلَى النَّعْتِ لِلْمُؤْمِنِينَ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى الْمَدْحِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ وَأَصْحَابَهُ لَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ أُحُدٍ وَبَلَغُوا الرَّوْحَاءَ نَدِمُوا، وَقَالُوا إِنَّا قَتَلْنَا أَكْثَرَهُمْ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ فَلِمَ تَرَكْنَاهُمْ؟ بَلِ الْوَاجِبُ أَنْ نَرْجِعَ وَنَسْتَأْصِلَهُمْ، فَهَمُّوا بِالرُّجُوعِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرَادَ أَنْ يُرْهِبَ الْكُفَّارَ وَيُرِيَهُمْ مِنْ نَفْسِهِ وَمِنْ أَصْحَابِهِ قُوَّةً، فَنَدَبَ أَصْحَابَهُ إِلَى الْخُرُوجِ فِي طَلَبِ أَبِي سُفْيَانَ وَقَالَ: لَا أُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ الْآنَ مَعِي إِلَّا مَنْ كَانَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 431
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست