responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 387
وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْعُلَمَاءِ هَاهُنَا طَرِيقَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلِ الْمَعْنَى، وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ، أَيْ قَدْ نَصَرَكُمْ إِلَى أَنْ كَانَ مِنْكُمُ الْفَشَلُ وَالتَّنَازُعُ، لِأَنَّهُ تَعَالَى كَانَ إِنَّمَا وَعَدَهُمْ بِالنُّصْرَةِ بِشَرْطِ التَّقْوَى وَالصَّبْرِ عَلَى الطَّاعَةِ، فَلَمَّا فَشِلُوا وَعَصَوُا انْتَهَى النَّصْرُ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَكُونُ كَلِمَةُ حَتَّى غَايَةً بِمَعْنَى «إِلَى» فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: حَتَّى إِذا إِلَى أَنْ، أَوْ إِلَى حِينِ.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنْ يُسَاعِدَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ شَرْطٌ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفُوا فِي الْجَوَابِ عَلَى وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّ جَوَابَهُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مَنَعَكُمُ اللَّهُ نَصْرَهُ، وَإِنَّمَا حَسُنَ حَذْفُ هَذَا الْجَوَابِ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ عَلَيْهِ، وَنَظَائِرُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ، قَالَ تَعَالَى: فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ [الْأَنْعَامِ: 35] وَالتَّقْدِيرُ: فَافْعَلْ، ثُمَّ أُسْقِطَ هَذَا الْجَوَابُ لِدَلَالَةِ هَذَا الْكَلَامِ عليه، وقال: أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ [الزُّمَرِ: 9] وَالتَّقْدِيرُ: أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ كَمَنْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ؟
الْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَاخْتِيَارُ الْفَرَّاءِ أَنَّ جَوَابَهُ هُوَ قَوْلُهُ: وَعَصَيْتُمْ وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ كَمَا قَالَ: فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ [الصَّافَّاتِ: 103- 104] وَالْمَعْنَى نَادَيْنَاهُ، كَذَا هَاهُنَا، الْفَشَلُ وَالتَّنَازُعُ صَارَ مُوجِبًا لِلْعِصْيَانِ، فَكَانَ التَّقْدِيرُ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ عَصَيْتُمْ، فَالْوَاوُ زَائِدَةٌ، وَبَعْضُ/ مَنْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ زَعَمَ أَنَّ مِنْ مَذْهَبِ الْعَرَبِ إِدْخَالَ الْوَاوِ فِي جَوَابِ حَتَّى إِذا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها [الزمر: 1 [الزُّمَرِ: 71] وَالتَّقْدِيرُ: أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ كَمَنْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ؟
الْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَاخْتِيَارُ الْفَرَّاءِ أَنَّ جَوَابَهُ هُوَ قَوْلُهُ: وَعَصَيْتُمْ وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ كَمَا قَالَ: فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ [الصَّافَّاتِ: 103- 104] وَالْمَعْنَى نَادَيْنَاهُ، كَذَا هَاهُنَا، الْفَشَلُ وَالتَّنَازُعُ صَارَ مُوجِبًا لِلْعِصْيَانِ، فَكَانَ التَّقْدِيرُ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ عَصَيْتُمْ، فَالْوَاوُ زَائِدَةٌ، وَبَعْضُ/ مَنْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ زَعَمَ أَنَّ مِنْ مَذْهَبِ الْعَرَبِ إِدْخَالَ الْوَاوِ فِي جَوَابِ «حَتَّى إِذَا» بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تعالى: حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها [الزُّمَرِ: 71] وَالتَّقْدِيرُ حتى إذا جاؤها فُتِحَتْ لَهُمْ أَبْوَابُهَا.
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ مَعْصِيَةٌ، فَلَوْ جَعَلْنَا الْفَشَلَ وَالتَّنَازُعَ عِلَّةً لِلْمَعْصِيَةِ لَزِمَ كَوْنُ الشَّيْءِ عِلَّةً لِنَفْسِهِ وَذَلِكَ فَاسِدٌ.
قُلْنَا: الْمُرَادُ مِنَ الْعِصْيَانِ هَاهُنَا خُرُوجُهُمْ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْفَشَلَ وَالتَّنَازُعَ هُوَ الَّذِي أَوْجَبَ خُرُوجَهُمْ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَلَمْ يَلْزَمْ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَصْرِيِّينَ إِنَّمَا لَمْ يَقْبَلُوا هَذَا الْجَوَابَ لِأَنَّ مَذْهَبَهُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ جَعْلُ الْوَاوِ زَائِدَةً.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ فِي الْجَوَابِ: أَنْ يُقَالَ تَقْدِيرُ الْآيَةِ: حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ، صِرْتُمْ فَرِيقَيْنِ، مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا، وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ.
فَالْجَوَابُ: هُوَ قَوْلُهُ: صِرْتُمْ فَرِيقَيْنِ، إِلَّا أَنَّهُ أُسْقِطَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ يُفِيدُ فَائِدَتَهُ وَيُؤَدِّي مَعْنَاهُ، لِأَنَّ كَلِمَةَ «مَنْ» لِلتَّبْعِيضِ فَهِيَ تُفِيدُ هَذَا الِانْقِسَامَ، وَهَذَا احْتِمَالٌ خَطَرَ بِبَالِي.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: جَوَابُ قَوْلِهِ: حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ هُوَ قَوْلُهُ: صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ وَالتَّقْدِيرُ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَكَذَا وَكَذَا صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَكَلِمَةُ «ثُمَّ» هَاهُنَا كَالسَّاقِطَةِ وَهَذَا الْوَجْهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ أمورا ثلاثة: أولها: الفشل وهو الضعيف، وَقِيلَ الْفَشَلُ هُوَ الْجُبْنُ، وَهَذَا بَاطِلٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا [الْأَنْفَالِ: 46] أَيْ فَتَضْعُفُوا، لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فَتَجْبُنُوا. ثَانِيهَا: التَّنَازُعُ فِي الْأَمْرِ وَفِيهِ بَحْثَانِ.
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ مِنَ التَّنَازُعِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَمَرَ الرُّمَاةَ بِأَنْ لَا يَبْرَحُوا عَنْ مَكَانِهِمْ أَلْبَتَّةَ،

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 387
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست