responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 304
حَبْوًا، قَالَ: فَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ حَجُّ الْبَيْتِ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: الِاسْتِطَاعَةُ هِيَ صِحَّةُ الْبَدَنِ، وَإِمْكَانُ الْمَشْيِ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَرْكَبُهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ صَحِيحَ الْبَدَنِ قَادِرًا عَلَى الْمَشْيِ إِذَا لَمْ يجد ما يركب فإن يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ لِذَلِكَ الْفِعْلِ، فَتَخْصِيصُ هَذِهِ الِاسْتِطَاعَةِ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ تَرْكٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ دَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ، وَلَا يُمْكِنُ التَّعْوِيلُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهَا أَخْبَارُ آحَادٍ فَلَا يُتْرَكُ لِأَجْلِهَا ظَاهِرُ الْكِتَابِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ طَعَنَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي رُوَاةِ تِلْكَ الْأَخْبَارِ، وَطَعَنَ فِيهَا/ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ حُصُولَ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ لَا يَكْفِي فِي حُصُولِ الِاسْتِطَاعَةِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي حُصُولِ الِاسْتِطَاعَةِ صِحَّةُ الْبَدَنِ وَعَدَمُ الْخَوْفِ فِي الطَّرِيقِ، وَظَاهِرُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا، فَصَارَتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ مَطْعُونًا فِيهَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بَلْ يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ فِي ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الْحَجِّ: 78] وَقَوْلِهِ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [الْبَقَرَةِ: 185] .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: احْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرَائِعِ قَالُوا لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ يَعُمُّ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ وَعَدَمُ الْإِيمَانِ لَا يَصْلُحُ مُعَارِضًا وَمُخَصِّصًا لِهَذَا الْعُمُومِ، لِأَنَّ الدَّهْرِيَّ مُكَلَّفٌ بِالْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنَّ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ غَيْرُ حَاصِلٍ وَالْمُحْدِثُ مُكَلَّفٌ بِالصَّلَاةِ مَعَ أَنَّ الْوُضُوءَ الَّذِي هُوَ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ غَيْرُ حَاصِلٍ، فَلَمْ يَكُنْ عَدَمُ الشَّرْطِ مَانِعًا مِنْ كَوْنِهِ مُكَلَّفًا بِالْمَشْرُوطِ، فَكَذَا هَاهُنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: احْتَجَّ جُمْهُورُ الْمُعْتَزِلَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ قَبْلَ الْفِعْلِ، فَقَالُوا: لَوْ كَانَتْ الِاسْتِطَاعَةُ مَعَ الْفِعْلِ لَكَانَ مَنْ لَمْ يَحُجَّ مُسْتَطِيعًا لِلْحَجِّ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَطِيعًا لِلْحَجِّ لَا يَتَنَاوَلُهُ التَّكْلِيفُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَيَلْزَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ يَحُجَّ أَنْ لَا يَصِيرَ مَأْمُورًا بِالْحَجِّ بِسَبَبِ هَذِهِ الْآيَةِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ.
أَجَابَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ هَذَا أَيْضًا لَازِمٌ لَهُمْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَادِرَ إِمَّا أَنْ يَصِيرَ مَأْمُورًا بِالْفِعْلِ قَبْلَ حُصُولِ الدَّاعِي إِلَى الْفِعْلِ أَوْ بَعْدَ حُصُولِهِ أَمَّا قَبْلَ حُصُولِ الدَّاعِي فَمُحَالٌ، لِأَنَّ قَبْلَ حُصُولِ الدَّاعِي يَمْتَنِعُ حُصُولُ الْفِعْلِ، فَيَكُونُ التَّكْلِيفُ بِهِ تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ، وَأَمَّا بَعْدَ حُصُولِ الدَّاعِي فَالْفِعْلُ يَصِيرُ وَاجِبَ الْحُصُولِ، فَلَا يَكُونُ فِي التَّكْلِيفِ بِهِ فَائِدَةٌ، وَإِذَا كَانَتْ الِاسْتِطَاعَةُ مُنْتَفِيَةً فِي الْحَالَيْنِ وَجَبَ أَنْ لَا يَتَوَجَّهَ التَّكْلِيفُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَحَدٍ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:
رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكُتِبَ الْحَجُّ عَلَيْنَا فِي كُلِّ عَامٍ، ذَكَرُوا ذَلِكَ ثَلَاثًا، فَسَكَتَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَوْ وَجَبَتْ مَا قُمْتُمْ بِهَا وَلَوْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا لَكَفَرْتُمْ أَلَا فَوَادِعُونِي مَا وَادَعْتُكُمْ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ أَمْرٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ اخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ» ،
ثُمَّ احْتَجَّ الْعُلَمَاءُ بِهَذَا الْخَبَرِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَا يُفِيدُ التَّكْرَارَ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَمْرَ وَرَدَ بِالْحَجِّ وَلَمْ يُفِدِ التَّكْرَارَ وَالثَّانِي: أَنَّ الصَّحَابَةَ اسْتَفْهَمُوا أَنَّهُ هَلْ يُوجِبُ التَّكْرَارَ أَمْ لَا؟ وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الصِّيغَةُ تُفِيدُ التَّكْرَارَ لَمَا احْتَاجُوا إِلَى الِاسْتِفْهَامِ مَعَ كَوْنِهِمْ عَالِمِينَ بِاللُّغَةِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: اسْتِطَاعَةُ السَّبِيلِ إِلَى الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ إِمْكَانِ الْوُصُولِ، قَالَ تَعَالَى: فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 304
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست