responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 290
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: نَقَلَ الْوَاحِدِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْكَلْبِيِّ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الزَّكَاةِ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ لِأَنَّ إِيجَابَ الزَّكَاةِ كَيْفَ يُنَافِي التَّرْغِيبَ فِي بَذْلِ الْمَحْبُوبِ لِوَجْهِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَالَ بَعْضُهُمْ كَلِمَةُ (مِنْ) فِي قَوْلِهِ مِمَّا تُحِبُّونَ لِلتَّبْعِيضِ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى تُنْفِقُوا بَعْضَ مَا تُحِبُّونَ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ إِنْفَاقَ الْكُلِّ لَا يَجُوزُ ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً [الفرقان: 67] وقال آخرون: إنها للتبيين.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ.
فَفِيهِ سُؤَالٌ:
وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: قِيلَ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ عَلَى جِهَةِ جَوَابِ الشَّرْطِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَالْجَوَابُ: مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْجَزَاءِ تَقْدِيرُهُ: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ يُجَازِيكُمْ قَلَّ أَمْ كَثُرَ، لِأَنَّهُ عَلِيمٌ بِهِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ، فَجَعَلَ كَوْنَهُ عَالِمًا بِذَلِكَ الْإِنْفَاقِ كِنَايَةً عَنْ إِعْطَاءِ الثَّوَابِ، وَالتَّعْرِيضُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ يَكُونُ أَبْلَغَ مِنَ التَّصْرِيحِ وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ الْوَجْهَ الَّذِي لِأَجْلِهِ يَفْعَلُونَهُ وَيَعْلَمُ أَنَّ الدَّاعِيَ إِلَيْهِ أَهْوَ الْإِخْلَاصُ أَمِ الرِّيَاءُ وَيَعْلَمُ أَنَّكُمْ تُنْفِقُونَ الْأَحَبَّ الْأَجْوَدَ، أَمِ الْأَخَسَّ الْأَرْذَلَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ نَظِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَقَوْلُهُ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ [الْبَقَرَةِ: 270] قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» (مِنْ) فِي قَوْلِهِ مِنْ شَيْءٍ لِتَبْيِينِ مَا يُنْفِقُونَهُ أَيْ مِنْ شَيْءٍ كَانَ طَيِّبًا تُحِبُّونَهُ أَوْ خَبِيثًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنَّ اللَّهَ به عليم يجازيكم على قدره.

[سورة آل عمران (3) : الآيات 93 الى 95]
كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (93) فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94) قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95)
اعْلَمْ أَنَّ الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةَ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ كَانَتْ فِي تَقْرِيرِ الدَّلَائِلَ الدَّالَّةَ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي تَوْجِيهِ الْإِلْزَامَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ فِي هَذَا الْبَابِ.
وَأَمَّا هَذِهِ الْآيَةُ فَهِيَ فِي بَيَانِ الْجَوَابِ عَنْ شُبُهَاتِ الْقَوْمِ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدَّعِي أَنَّ كُلَّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا ثُمَّ صَارَ الْبَعْضُ حَرَامًا بَعْدَ أَنْ كَانَ حِلًّا وَالْقَوْمُ نَازَعُوهُ فِي ذَلِكَ وَزَعَمُوا أَنَّ الَّذِي هُوَ الْآنَ حَرَامٌ كَانَ حَرَامًا أَبَدًا.
وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: الْآيَةُ تَحْتَمِلُ وُجُوهًا الْأَوَّلُ: أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يُعَوِّلُونَ فِي إِنْكَارِ شَرْعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِنْكَارِ النَّسْخِ، فَأَبْطَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ بِأَنَّ كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ فَذَاكَ الَّذِي حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ، كَانَ حَلَالًا ثُمَّ صَارَ حَرَامًا عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ فَقَدْ حَصَلَ النَّسْخُ، فَبَطَلَ قَوْلُكُمْ: النَّسْخُ غَيْرُ جَائِزٍ، ثُمَّ إِنَّ الْيَهُودَ لَمَّا تَوَجَّهَ عَلَيْهِمْ هَذَا السُّؤَالُ أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ حُرْمَةُ ذَلِكَ الطَّعَامِ الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ بِسَبَبِ أَنَّ إِسْرَائِيلَ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ، بَلْ زَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ حَرَامًا مِنْ لَدُنْ زَمَانِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى هَذَا الزَّمَانِ، فَعِنْدَ هَذَا طَلَبَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْهُمْ أَنْ يُحْضِرُوا التَّوْرَاةَ فَإِنَّ التَّوْرَاةَ نَاطِقَةٌ بِأَنَّ بَعْضَ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ إِنَّمَا حُرِّمَ بِسَبَبِ أَنَّ إِسْرَائِيلَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 290
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست