responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 258
وَقَوْلُهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ مَعْنَاهُ أَنَّا مَتَى أَلْقَيْنَا هَذِهِ الشُّبْهَةَ فَلَعَلَّ أَصْحَابَهُ يَرْجِعُونَ عَنْ دِينِهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ رُؤَسَاءَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ نَافِقُوا وَأَظْهِرُوا الْوِفَاقَ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَثْبُتُوا عَلَى دِينِكُمْ إِذَا خَلَوْتُمْ بِإِخْوَانِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِنَّ أَمْرَ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي اضْطِرَابٍ فَزُجُّوا الْأَيَّامَ مَعَهُمْ بِالنِّفَاقِ فَرُبَّمَا ضَعُفَ أَمْرُهُمْ وَاضْمَحَلَّ دِينُهُمْ وَيَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيِّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا [النِّسَاءِ: 137] أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ [النِّسَاءِ: 138] وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ [الْبَقَرَةِ: 14] الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى أَتْبَعَ هَذِهِ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ نَهَوْا عَنْ غَيْرِ دِينِهِمُ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ فَكَانَ قَوْلُهُمْ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ أَمْرٌ بِالنِّفَاقِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: قَالَ الْأَصَمُّ: قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنْ كَذَّبْتُمُوهُ فِي جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ فَإِنَّ عَوَامَّكُمْ يَعْلَمُونَ كَذِبَكُمْ، لِأَنَّ كَثِيرًا مِمَّا جَاءَ بِهِ حَقٌّ وَلَكِنْ صَدِّقُوهُ فِي بَعْضٍ وَكَذِّبُوهُ فِي بَعْضٍ حَتَّى يَحْمِلَ النَّاسُ تَكْذِيبَكُمْ لَهُ عَلَى الْإِنْصَافِ لَا عَلَى الْعِنَادِ فَيَقْبَلُوا قَوْلَكُمْ.
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ بَعْضَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَالْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ حَمَلُوهُ عَلَى أَمْرِ الْقِبْلَةِ وَذَكَرُوا فِيهِ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَجْهُ النَّهَارِ أَوَّلُهُ، وَهُوَ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ: يَعْنِي صَلَاةَ الظُّهْرِ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَفَرِحَ الْيَهُودُ بِذَلِكَ وَطَمِعُوا أَنْ يَكُونَ منهم، فلما حوله الله إلى الكعبة كان ذَلِكَ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ قَالَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَغَيْرُهُ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ يَعْنِي آمِنُوا بِالْقِبْلَةِ الَّتِي صَلَّى إِلَيْهَا صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهِيَ الْحَقُّ، وَاكْفُرُوا بِالْقِبْلَةِ الَّتِي صَلَّى إِلَيْهَا صَلَاةَ الظُّهْرِ، وَهِيَ آخِرُ النَّهَارِ، وَهِيَ الْكُفْرُ الثَّانِي: إِنَّهُ لَمَّا حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ إِلَى الْكَعْبَةِ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ صَلُّوا إِلَى الْكَعْبَةِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، ثُمَّ اكْفُرُوا بِهَذِهِ الْقِبْلَةِ فِي آخِرِ النَّهَارِ وَصَلُّوا إِلَى الصَّخْرَةِ لَعَلَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ أَصْحَابُ/ الْعِلْمِ فَلَوْلَا أَنَّهُمْ عَرَفُوا بُطْلَانَ هَذِهِ الْقِبْلَةِ لَمَا تَرَكُوهَا فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُونَ عَنْ هَذِهِ الْقِبْلَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْفَائِدَةُ فِي إِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ تَوَاضُعِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْحِيلَةِ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ كَانَتْ مَخْفِيَّةً فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَمَا أَطْلَعُوا عَلَيْهَا أَحَدًا مِنَ الْأَجَانِبِ، فَلَمَّا أَخْبَرَ الرَّسُولُ عَنْهَا كَانَ ذَلِكَ إِخْبَارًا عَنِ الْغَيْبِ، فَيَكُونُ معجزاًالثاني: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَطْلَعَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى تَوَاطُئِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْحِيلَةِ لَمْ يَحْصُلْ لِهَذِهِ الْحِيلَةِ أَثَرٌ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَوْلَا هَذَا الْإِعْلَانُ لَكَانَ رُبَّمَا أَثَّرَتْ هَذِهِ الْحِيلَةُ فِي قَلْبِ بَعْضِ مَنْ كَانَ فِي إِيمَانِهِ ضَعْفٌ الثَّالِثُ: أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا افْتَضَحُوا فِي هَذِهِ الْحِيلَةِ صَارَ ذَلِكَ رَادِعًا لَهُمْ عَنِ الْإِقْدَامِ عَلَى أَمْثَالِهَا مِنَ الْحِيَلِ وَالتَّلْبِيسِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَجْهُ النَّهَارِ هُوَ أَوَّلُهُ، وَالْوَجْهُ فِي اللُّغَةِ هُوَ مُسْتَقْبَلُ كُلِّ شَيْءٍ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَا يُوَاجَهُ مِنْهُ، كَمَا يُقَالُ لِأَوَّلِ الثَّوْبِ وَجْهُ الثَّوْبِ، رَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: أَتَيْتُهُ بِوَجْهِ نَهَارٍ وَصَدْرِ نَهَارٍ، وَشَبَابِ نَهَارٍ، أَيْ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَأَنْشَدَ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ فَقَالَ:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست