responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 249
إِلَى مَعْنَى اللَّعْنِ، لِأَنَّ مَعْنَى اللَّعْنِ هُوَ الْإِبْعَادُ وَالطَّرْدُ وَبَهَلَهُ اللَّهُ، أَيْ لَعَنَهُ وَأَبْعَدَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ مِنْ قَوْلِكَ أَبْهَلَهُ إِذَا أَهْمَلَهُ وَنَاقَةٌ بَاهِلٌ لَا صِرَارَ عَلَيْهَا، بَلْ هِيَ مُرْسَلَةٌ مُخَلَّاةٌ، كَالرَّجُلِ الطَّرِيدِ الْمَنْفِيِّ، وَتَحْقِيقُ مَعْنَى الْكَلِمَةِ: أَنَّ الْبَهْلَ إِذَا كَانَ هُوَ الْإِرْسَالَ وَالتَّخْلِيَةَ فَكَانَ مَنْ بَهَلَهُ اللَّهُ فَقَدْ خَلَّاهُ اللَّهُ وَوَكَلَهُ إِلَى نَفْسِهِ وَمَنْ وَكَلَهُ إِلَى نَفْسِهِ فَهُوَ هَالِكٌ لَا شَكَّ فِيهِ فَمَنْ بَاهَلَ إِنْسَانًا، فَقَالَ: عَلَيَّ بَهْلَةُ اللَّهِ إِنْ كَانَ كَذَا، يَقُولُ: وَكَلَنِي اللَّهُ إِلَى نَفْسِي، وَفَرَضَنِي إِلَى حَوْلِي وَقُوَّتِي، أَيْ مِنْ كِلَاءَتِهِ وَحِفْظِهِ، كَالنَّاقَةِ الْبَاهِلِ الَّتِي لَا حَافِظَ لَهَا فِي ضَرْعِهَا، فَكُلُّ مَنْ شَاءَ حَلَبَهَا وَأَخَذَ لَبَنَهَا لَا قُوَّةَ لَهَا فِي الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهَا، وَيُقَالُ أَيْضًا: رَجُلٌ بَاهِلٌ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّهُ يَكُونُ قَوْلُهُ ثُمَّ نَبْتَهِلْ أَيْ ثُمَّ نَجْتَهِدْ فِي الدُّعَاءِ، وَنَجْعَلِ اللَّعْنَةَ عَلَى الْكَاذِبِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَصِيرُ التَّقْدِيرُ: ثُمَّ نبتهل، أي ثم نلتعن فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ وَهِيَ تَكْرَارٌ، بَقِيَ فِي الْآيَةِ سُؤَالَاتٌ أَرْبَعٌ.
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: الْأَوْلَادُ إِذَا كَانُوا صِغَارًا لَمْ يَجُزْ نُزُولُ الْعَذَابِ بِهِمْ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَدْخَلَ فِي الْمُبَاهَلَةِ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَمَا الْفَائِدَةُ فِيهِ؟.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ عَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى جَارِيَةٌ بِأَنَّ عُقُوبَةَ الِاسْتِئْصَالِ إِذَا نَزَلَتْ بِقَوْمٍ هَلَكَتْ مَعَهُمُ الْأَوْلَادُ وَالنِّسَاءُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْبَالِغِينَ عِقَابًا، وَفِي حَقِّ الصِّبْيَانِ لَا يَكُونُ عِقَابًا، بَلْ يَكُونُ جَارِيًا مَجْرَى إِمَاتَتِهِمْ وَإِيصَالِ الْآلَامِ وَالْأَسْقَامِ إِلَيْهِمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَفَقَةَ الْإِنْسَانِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَهْلِهِ شَدِيدَةٌ جِدًّا فَرُبَّمَا جَعَلَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ فِدَاءً لَهُمْ وَجُنَّةً لَهُمْ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحْضَرَ صِبْيَانَهُ وَنِسَاءَهُ مَعَ نَفْسِهِ وَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَفْعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ وَأَقْوَى فِي تَخْوِيفِ الْخَصْمِ، وَأَدَلَّ عَلَى وُثُوقِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ بِأَنَّ الْحَقَّ مَعَهُ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: هَلْ دَلَّتْ هَذِهِ الْوَاقِعَةُ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟.
الْجَوَابُ: أَنَّهَا دَلَّتْ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: وَهُوَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَوَّفَهُمْ بِنُزُولِ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَاثِقًا بِذَلِكَ، لَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ سَعْيًا فِي إِظْهَارِ كَذِبِ نَفْسِهِ لِأَنَّ بِتَقْدِيرِ: أَنْ يَرْغَبُوا فِي مُبَاهَلَتِهِ، ثُمَّ لَا يَنْزِلُ الْعَذَابُ، فَحِينَئِذٍ كَانَ يَظْهَرُ كَذِبُهُ فِيمَا أَخْبَرَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ أَعْقَلِ النَّاسِ، فَلَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا يُفْضِي إِلَى ظُهُورِ كَذِبِهِ فَلَمَّا أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا أَصَرَّ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ وَاثِقًا بِنُزُولِ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ وَثَانِيهِمَا: أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا تَرَكُوا مُبَاهَلَتَهُ، فَلَوْلَا أَنَّهُمْ عَرَفُوا مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مَا يَدُلُّ عَلَى نُبُوَّتِهِ، وَإِلَّا لَمَا/ أَحْجَمُوا عَنْ مُبَاهَلَتِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا شَاكِّينَ، فَتَرَكُوا مُبَاهَلَتَهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فَيَنْزِلَ بِهِمْ مَا ذَكَرَ مِنَ الْعَذَابِ؟.
قُلْنَا هَذَا مَدْفُوعٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّ القوم كانوا يبذلونه النُّفُوسَ وَالْأَمْوَالَ فِي الْمُنَازَعَةِ مَعَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَلَوْ كَانُوا شَاكِّينَ لَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ نُقِلَ عَنْ أُولَئِكَ النَّصَارَى أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُ وَاللَّهِ هُوَ النَّبِيُّ الْمُبَشَّرُ بِهِ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَإِنَّكُمْ لَوْ بَاهَلْتُمُوهُ لَحَصَلَ الِاسْتِئْصَالُ فَكَانَ ذَلِكَ تَصْرِيحًا مِنْهُمْ بِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنِ الْمُبَاهَلَةِ كَانَ لِأَجْلِ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: أَلَيْسَ أَنَّ بَعْضَ الْكُفَّارِ اشْتَغَلُوا بِالْمُبَاهَلَةِ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ حَيْثُ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هَذَا هُوَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 249
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست