responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 247
مِنْ عَدَمِ الدَّلِيلِ عَدَمُ الْمَدْلُولِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ لَمْ تُسَلِّمْ لَزِمَكَ مِنْ نَفْيِ الْعَالِمِ فِي الْأَزَلِ نَفْيُ الصَّانِعِ، وَإِنْ سَلَّمْتَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الدَّلِيلِ عَدَمُ الْمَدْلُولِ، فأقول: لما جَوَّزْتَ حُلُولَ الْإِلَهِ فِي بَدَنِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَكَيْفَ عَرَفْتَ أَنَّ الْإِلَهَ مَا حَلَّ فِي بَدَنِي وَبَدَنِكَ وَفِي بَدَنِ كُلِّ حَيَوَانٍ وَنَبَاتٍ وَجَمَادٍ؟ فَقَالَ: الْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَذَلِكَ لِأَنِّي إِنَّمَا حَكَمْتُ بِذَلِكَ الْحُلُولِ، لِأَنَّهُ ظَهَرَتْ تِلْكَ الْأَفْعَالُ الْعَجِيبَةُ عَلَيْهِ، وَالْأَفْعَالُ الْعَجِيبَةُ مَا ظَهَرَتْ عَلَى يَدِي وَلَا عَلَى يَدِكَ، فَعَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ الْحُلُولَ مَفْقُودٌ هَاهُنَا، فَقُلْتُ لَهُ: تَبَيَّنَ الْآنَ أَنَّكَ مَا عَرَفْتَ مَعْنَى قَوْلِي إِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الدَّلِيلِ عَدَمُ الْمَدْلُولِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ظُهُورَ تِلْكَ الْخَوَارِقِ دَالَّةٌ عَلَى حُلُولِ الْإِلَهِ فِي بَدَنِ عِيسَى: فَعَدَمُ ظُهُورِ تِلْكَ الْخَوَارِقِ مِنِّي وَمِنْكَ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الدَّلِيلُ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الدَّلِيلِ عَدَمُ الْمَدْلُولِ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ظُهُورِ تِلْكَ الْخَوَارِقِ مِنِّي وَمِنْكَ عَدَمُ الْحُلُولِ فِي حَقِّي وَفِي حَقِّكَ، وَفِي حَقِّ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ وَالْفَأْرِ ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّ مَذْهَبًا يُؤَدِّي الْقَوْلُ بِهِ إِلَى تَجْوِيزِ حُلُولِ ذَاتِ اللَّهِ فِي بَدَنِ الْكَلْبِ وَالذُّبَابِ لَفِي غَايَةِ الْخِسَّةِ وَالرَّكَاكَةِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ قَلْبَ الْعَصَا حَيَّةً، أَبْعَدُ فِي الْعَقْلِ مِنْ إِعَادَةِ الْمَيِّتِ حَيًّا، لِأَنَّ الْمُشَاكَلَةَ/ بَيْنَ بَدَنِ الْحَيِّ وَبَدَنِ الْمَيِّتِ أَكْثَرُ مِنَ الْمُشَاكَلَةِ بَيْنَ الْخَشَبَةِ وَبَيْنَ بَدَنِ الثُّعْبَانِ، فَإِذَا لَمْ يُوجِبْ قَلْبُ الْعَصَا حَيَّةً كَوْنَ مُوسَى إِلَهًا وَلَا ابْنًا لِلْإِلَهِ، فَبِأَنْ لَا يَدُلَّ إِحْيَاءُ الْمَوْتَى عَلَى الْإِلَهِيَّةِ كَانَ ذَلِكَ أَوْلَى، وَعِنْدَ هَذَا انْقَطَعَ النَّصْرَانِيُّ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ كَلَامٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَوْرَدَ الدَّلَائِلَ عَلَى نَصَارَى نَجْرَانَ، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَصَرُّوا عَلَى جَهْلِهِمْ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي إِنْ لَمْ تَقْبَلُوا الْحُجَّةَ أَنْ أُبَاهِلَكُمْ» فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، بَلْ نَرْجِعُ فَنَنْظُرُ فِي أَمْرِنَا ثُمَّ نَأْتِيكَ فَلَمَّا رَجَعُوا قَالُوا لِلْعَاقِبِ: وَكَانَ ذَا رَأْيَهُمْ، يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ مَا تَرَى، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُمْ يَا مَعْشَرَ النَّصَارَى أَنَّ مُحَمَّدًا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْكَلَامِ الْحَقِّ فِي أَمْرِ صَاحِبِكُمْ، وَاللَّهِ مَا بَاهَلَ قَوْمٌ نَبِيًّا قَطُّ فَعَاشَ كَبِيرُهُمْ وَلَا نَبَتَ صَغِيرُهُمْ وَلَئِنْ فَعَلْتُمْ لَكَانَ الِاسْتِئْصَالُ فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا الْإِصْرَارَ عَلَى دِينِكُمْ وَالْإِقَامَةَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ، فَوَادِعُوا الرَّجُلَ وَانْصَرِفُوا إِلَى بِلَادِكُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، وَكَانَ قَدِ احْتَضَنَ الْحُسَيْنَ وَأَخَذَ بِيَدِ الْحَسَنِ، وَفَاطِمَةُ تَمْشِي خَلْفَهُ، وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَلْفَهَا، وَهُوَ يَقُولُ، إِذَا دَعَوْتُ فَأَمِّنُوا، فَقَالَ أُسْقُفُّ نَجْرَانَ:
يَا مَعْشَرَ النَّصَارَى، إِنِّي لَأَرَى وُجُوهًا لَوْ سَأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُزِيلَ جَبَلًا مِنْ مَكَانِهِ لَأَزَالَهُ بِهَا، فَلَا تَبَاهَلُوا فَتَهْلِكُوا وَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ نَصْرَانِيٌّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ قَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، رَأَيْنَا أَنْ لَا نُبَاهِلَكَ وَأَنْ نُقِرَّكَ عَلَى دِينِكَ فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: فَإِذَا أَبَيْتُمُ الْمُبَاهَلَةَ فَأَسْلِمُوا، يَكُنْ لَكُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْكُمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَأَبَوْا، فَقَالَ:
فَإِنِّي أُنَاجِزُكُمُ الْقِتَالَ، فَقَالُوا مَا لَنَا بِحَرْبِ الْعَرَبِ طَاقَةٌ، وَلَكِنْ نُصَالِحُكَ عَلَى أَنْ لَا تَغْزُوَنَا وَلَا تَرُدَّنَا عَنْ دِينِنَا، عَلَى أَنْ نُؤَدِّيَ إِلَيْكَ فِي كُلِّ عَامٍ أَلْفَيْ حُلَّةٍ: أَلْفًا فِي صَفَرٍ، وَأَلْفًا فِي رَجَبٍ، وَثَلَاثِينَ دِرْعًا عَادِيَّةً مِنْ حَدِيدٍ، فَصَالَحَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الْهَلَاكَ قَدْ تَدَلَّى عَلَى أَهْلِ نَجْرَانَ، ولو لاعنوا لَمُسِخُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، وَلَاضْطَرَمَ عَلَيْهِمُ الْوَادِي نَارًا، وَلَاسْتَأْصَلَ اللَّهُ نَجْرَانَ وَأَهْلَهُ، حَتَّى الطَّيْرَ عَلَى رؤوس الشَّجَرِ، وَلَمَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى النَّصَارَى كُلِّهِمْ حَتَّى يَهْلِكُوا،
وَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا خَرَجَ فِي الْمِرْطِ الْأَسْوَدِ، فَجَاءَ الْحَسَنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ فَاطِمَةُ، ثُمَّ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثُمَّ قَالَ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [الْأَحْزَابِ: 33]
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ كَالْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهَا بَيْنَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ أَيْ فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِيلَ: الْهَاءُ تَعُودُ إِلَى الْحَقِّ، في قوله الْحَقُّ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست