responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 244
أَحَدُهَا: أَنَّهُ مِنْ صَلْصَالٍ وَالصَّلْصَالُ: الْيَابِسُ الَّذِي إِذَا حُرِّكَ تَصَلْصَلَ كَالْخَزَفِ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْ دَاخِلِهِ صَوْتٌ.
وَالثَّانِي: الْحَمَأُ وَهُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ فِي الْمَاءِ مُدَّةً، وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ إِلَى السَّوَادِ. وَالثَّالِثُ: تَغَيُّرُ رَائِحَتِهِ قَالَ تَعَالَى: فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ [الْبَقَرَةِ: 259] أَيْ لَمْ يَتَغَيَّرْ.
فَهَذِهِ جُمْلَةُ الْكَلَامِ فِي التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْآيَاتِ الْوَارِدَةِ فِي خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي الْآيَةِ إِشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ خَلْقُ آدَمَ مُتَقَدِّمًا عَلَى قَوْلِ اللَّهِ لَهُ كُنْ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.
وَأَجَابَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْخَلْقَ هُوَ التَّقْدِيرُ وَالتَّسْوِيَةُ، وَيَرْجِعُ مَعْنَاهُ إلى علم الله تعالى بكيفية وقوعه وإرادته لِإِيقَاعِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ وَكُلُّ ذَلِكَ مُتَقَدِّمٌ على وجود آدم عليه السلام تقديماً مِنَ الْأَزَلِ إِلَى الْأَبَدِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ كُنْ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إِدْخَالِهِ فِي الْوُجُودِ فَثَبَتَ أَنَّ خَلْقَ آدَمَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى قَوْلِهِ كُنْ.
وَالْجَوَابُ الثَّانِي: وَهُوَ الَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَهُ مِنَ الطِّينِ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ أَيْ أَحْيَاهُ كَمَا قَالَ: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَإِنْ قِيلَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ خَلَقَهُ رَاجِعٌ إِلَى آدَمَ وَحِينَ كَانَ تُرَابًا لَمْ يَكُنْ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَوْجُودًا.
أَجَابَ الْقَاضِي وَقَالَ: بَلْ كَانَ مَوْجُودًا وَإِنَّمَا وُجِدَ بَعْدَ حَيَاتِهِ، وَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ نَفْسَ آدَمَ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ مُجَرَّدِ الْأَجْسَامِ الْمُشَكَّلَةِ بِالشَّكْلِ الْمَخْصُوصِ، بَلْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ هُوِيَّةٍ أُخْرَى مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ: إِمَّا الْمِزَاجُ الْمُعْتَدِلُ، أَوِ النَّفْسُ، وَيَنْجَرُّ الْكَلَامُ مِنْ هَذَا الْبَحْثِ إِلَى أَنَّ النَّفْسَ مَا هِيَ، وَلَا شَكَّ أَنَّهَا مِنْ أَغْمَضِ الْمَسَائِلِ.
الْجَوَابُ: الصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْهَيْكَلُ بِحَيْثُ سَيَصِيرُ آدَمُ عَنْ قَرِيبٍ سَمَّاهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ ذَلِكَ، تَسْمِيَةً لِمَا سَيَقَعُ بِالْوَاقِعِ.
وَالْجَوَابُ الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ يُفِيدُ تَرَاخِيَ هَذَا الْخَبَرِ عَنْ ذَلِكَ الْخَبَرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا [البلد: 17] وَيَقُولُ الْقَائِلُ: أَعْطَيْتُ زَيْدًا الْيَوْمَ أَلْفًا ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ أَمْسِ أَلْفَيْنِ، وَمُرَادُهُ: أَعْطَيْتُهُ الْيَوْمَ أَلْفًا، ثُمَّ أَنَا أُخْبِرُكُمْ أَنِّي أَعْطَيْتُهُ أَمْسِ أَلْفَيْنِ فَكَذَا قَوْلُهُ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ أَيْ صَيَّرَهُ خَلْقًا سَوِيًّا ثُمَّ إِنَّهُ يُخْبِرُكُمْ أَنِّي إِنَّمَا خَلَقْتُهُ بِأَنْ قُلْتُ لَهُ كُنْ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: فِي الْآيَةِ إِشْكَالٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَكَانَ فَلَمْ يَقُلْ كَذَلِكَ بَلْ قَالَ: كُنْ فَيَكُونُ.
وَالْجَوَابُ: تَأْوِيلُ الْكَلَامِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَكَانَ.
وَاعْلَمْ يَا مُحَمَّدُ أَنَّ مَا قَالَ لَهُ رَبُّكَ كُنْ فَإِنَّهُ يَكُونُ لا محالة.

[سورة آل عمران (3) : آية 60]
الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60)
وفيه مسائل:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 244
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست