responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 242
عَلَى حَقِيقَةِ اللُّغَةِ، فَصَارَ قَوْلُهُ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ (لَا يُرِيدُ ظُلْمَ الظَّالِمِينَ) [1] هَكَذَا قَرَّرَهُ الْقَاضِي، وَعِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمَحَبَّةَ عِبَارَةٌ عَنْ إِرَادَةِ إِيصَالِ الْخَيْرِ إِلَيْهِ فَهُوَ تَعَالَى وَإِنْ أَرَادَ كُفْرَ الْكَافِرِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُرِيدُ إِيصَالَ الثَّوَابِ إِلَيْهِ، وَهَذِهِ المسألة قد ذكرناها مراراً وأطواراً.

[سورة آل عمران (3) : آية 58]
ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)
وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ذلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ نَبَأِ عِيسَى وَزَكَرِيَّا وَغَيْرِهِمَا، وهو مبتدأ، خبره نَتْلُوهُ ومِنَ الْآياتِ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِمَعْنَى الَّذِي، ونَتْلُوهُ صلته، ومِنَ الْآياتِ الْخَبَرُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: التِّلَاوَةُ وَالْقَصَصُ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْجِعُ مَعْنَاهُ إِلَى شَيْءٍ يُذْكَرُ بَعْضُهُ عَلَى إِثْرِ بَعْضٍ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَضَافَ التِّلَاوَةَ إِلَى نَفْسِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَفِي قَوْلِهِ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى [الْقَصَصِ: 3] وَأَضَافَ الْقَصَصَ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يُوسُفَ: 3] وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ تِلَاوَةَ الْمَلَكِ جَارِيَةً مَجْرَى تِلَاوَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَهَذَا تَشْرِيفٌ عَظِيمٌ لِلْمَلَكِ، وَإِنَّمَا حَسُنَ ذَلِكَ لِأَنَّ تِلَاوَةَ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ بِأَمْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ أَصْلًا أُضِيفَ ذَلِكَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ مِنَ الْآياتِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ، أَنَّ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ مِنَ الْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى ثُبُوتِ رِسَالَتِكَ، لِأَنَّهَا أَخْبَارٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا/ قَارِئٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْ مَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، فَظَاهِرٌ أَنَّكَ لَا تَكْتُبُ وَلَا تَقْرَأُ، فَبَقِيَ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْوَحْيِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ فِيهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ مِنْهُ الْقُرْآنُ وَفِي وَصْفِ الْقُرْآنِ بِكَوْنِهِ ذِكْرًا حَكِيمًا وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ بِمَعْنَى الْحَاكِمِ مِثْلُ الْقَدِيرِ وَالْعَلِيمِ، وَالْقُرْآنُ حَاكِمٌ بِمَعْنَى أَنَّ الْأَحْكَامَ تُسْتَفَادُ مِنْهُ وَالثَّانِي: مَعْنَاهُ ذُو الْحِكْمَةِ فِي تَأْلِيفِهِ وَنَظْمِهِ وَكَثْرَةِ عُلُومِهِ وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ بِمَعْنَى الْمُحْكَمِ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعَلٍ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَهُوَ شَائِعٌ فِي اللُّغَةِ، لِأَنَّ حَكَمْتُ يَجْرِي مَجْرَى أَحْكَمْتُ فِي الْمَعْنَى، فَرُدَّ إِلَى الْأَصْلِ، وَمَعْنَى الْمُحْكَمِ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ أُحْكِمَ عَنْ تَطَرُّقِ وُجُوهِ الْخَلَلِ إِلَيْهِ قَالَ تَعَالَى: أُحْكِمَتْ آياتُهُ [هُودٍ: [1]] وَالرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ الْقُرْآنُ لِكَثْرَةِ حِكَمِهِ إِنَّهُ يَنْطِقُ بِالْحِكْمَةِ، فَوُصِفَ بِكَوْنِهِ حَكِيمًا عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ الْحَكِيمِ هَاهُنَا غَيْرُ الْقُرْآنِ، وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ الَّذِي مِنْهُ نُقِلَتْ جَمِيعُ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، أَخْبَرَ أَنَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَ هَذَا الْقَصَصَ مِمَّا كُتِبَ هُنَالِكَ، وَاللَّهُ أعلم بالصواب.

[سورة آل عمران (3) : آية 59]
إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)
أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نزلت عند حضور وقد نَجْرَانَ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ شُبَهِهِمْ أَنْ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، لَمَّا سَلَّمْتَ أَنَّهُ لَا أَبَ لَهُ مِنَ الْبَشَرِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، فَقَالَ: إِنَّ آدَمَ مَا كَانَ لَهُ أَبٌ وَلَا أُمٌّ وَلَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لِلَّهِ تَعَالَى، فَكَذَا الْقَوْلُ فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، هَذَا حَاصِلُ الْكَلَامِ، وَأَيْضًا إذا جاز أن

[1] ليست هذه آية إنما المثبت في المصحف وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ [غافر: 31] .
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست