responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 224
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ كَانَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْيَهُودُ عَامَلُوهُ بِمَا عَامَلُوهُ، قُلْنَا: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ تَعَالَى سَمَّى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْوَجِيهِ مَعَ أَنَّ الْيَهُودَ طَعَنُوا فِيهِ، وَآذَوْهُ إِلَى أَنْ بَرَّأَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِمَّا قَالُوا، وَذَلِكَ لَمْ يَقْدَحْ فِي وَجَاهَةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَكَذَا هَاهُنَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الزَّجَّاجُ وَجِيهاً مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، الْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِهَذَا الْوَلَدِ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْفَرَّاءُ يُسَمِّي هَذَا قَطْعًا كَأَنَّهُ قَالَ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ الْوَجِيهُ فَقُطِعَ مِنْهُ التَّعْرِيفُ.
أَمَّا قَوْلُهُ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَفِيهِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ ذَلِكَ كَالْمَدْحِ الْعَظِيمِ لِلْمَلَائِكَةِ فَأَلْحَقَهُ بِمِثْلِ مَنْزِلَتِهِمْ وَدَرَجَتِهِمْ بِوَاسِطَةِ هَذِهِ الصِّفَةِ وَثَانِيهَا: أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ كَالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَيُرْفَعُ إِلَى السَّمَاءِ وَتُصَاحِبُهُ الْمَلَائِكَةُ وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ وَجِيهٍ فِي الْآخِرَةِ يَكُونُ مُقَرَّبًا لِأَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ عَلَى مَنَازِلَ وَدَرَجَاتٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً إِلَى قَوْلِهِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ [الْوَاقِعَةِ: 7- 11] .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْوَاوُ لِلْعَطْفِ عَلَى قَوْلِهِ وَجِيهاً وَالتَّقْدِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: وَجِيهًا وَمُكَلِّمًا لِلنَّاسِ وَهَذَا عِنْدِي ضَعِيفٌ، لِأَنَّ عَطْفَ الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ عَلَى الِاسْمِيَّةِ غَيْرُ جَائِزٍ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ، أَوِ الْفَائِدَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ تَقْدِيرُ الْآيَةِ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ الْوَجِيهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الْمَعْدُودُ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، وَهَذَا الْمَجْمُوعُ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ قَالَ: وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَوْلُهُ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي الْمَهْدِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حِجْرُ أُمِّهِ وَالثَّانِي: هُوَ هَذَا الشَّيْءُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي هُوَ مَضْجَعُ الصَّبِيِّ وقت الرضاع، وكيف كان المراد مِنْهُ: فَإِنَّهُ يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَحْتَاجُ الصَّبِيُّ فِيهَا إِلَى الْمَهْدِ، وَلَا يَخْتَلِفُ هَذَا الْمَقْصُودُ سَوَاءٌ كَانَ فِي حِجْرِ أُمِّهِ أَوْ كَانَ فِي الْمَهْدِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ وَكَهْلًا عُطِفَ عَلَى الظَّرْفِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَهْدِ كَأَنَّهُ قِيلَ: يُكَلِّمُ النَّاسَ صَغِيرًا وَكَهْلًا وَهَاهُنَا سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: مَا الْكَهْلُ؟.
الْجَوَابُ: الْكَهْلُ فِي اللُّغَةِ مَا اجْتَمَعَ قُوَّتُهُ وَكَمُلَ شَبَابُهُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ اكْتَهَلَ النَّبَاتُ إِذَا قَوِيَ وَتَمَّ قَالَ الْأَعْشَى:
يُضَاحِكُ الشمس منها كوكب شرق ... مؤزر بحميم النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
أَرَادَ بِالْمُكْتَهِلِ الْمُتَنَاهِي فِي الْحُسْنِ وَالْكَمَالِ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: أَنَّ تَكَلُّمَهُ حَالَ كَوْنِهِ فِي الْمَهْدِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ، فَأَمَّا تَكَلُّمُهُ حَالَ الْكُهُولَةِ فَلَيْسَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ، فَمَا الْفَائِدَةُ فِي ذِكْرِهِ؟.
وَالْجَوَابُ: مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ بَيَانُ كَوْنِهِ مُتَقَلِّبًا فِي الْأَحْوَالِ مِنَ الصِّبَا إِلَى الْكُهُولَةِ وَالتَّغَيُّرُ عَلَى الْإِلَهِ تَعَالَى مُحَالٌ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى وَفْدِ نَجْرَانَ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ عِيسَى كَانَ إِلَهًا وَالثَّانِي: الْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست