responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 186
هَذَا الْكَلَامُ الَّذِي زَعَمُوا أَنَّهُ الْأَصْلُ فِي مَعْرِضِ التَّعَجُّبِ فَكَذَا هَاهُنَا، وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَمَنِ الَّذِي سَلَّمَ لَكُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يَا أَللَّهُمَّ وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:
وَأَمَّا عَلَيْكِ أَنْ تَقُولِي كُلَّمَا ... سَبَّحْتِ أَوْ صَلَّيْتِ يَا اللَّهُمَّا
وَقَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ: إِنَّ هَذَا الشِّعْرَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، فَحَاصِلُهُ تَكْذِيبُ النَّقْلِ، وَلَوْ فَتَحْنَا هَذَا الْبَابَ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنَ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ سَلِيمًا عَنِ الطَّعْنِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: كَانَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ حَرْفِ النِّدَاءِ لَازِمًا فَجَوَابُهُ أَنَّهُ قَدْ يُحْذَفُ حَرْفُ النِّدَاءِ كَقَوْلِهِ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا [يُوسُفَ: 46] فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَخْتَصَّ هَذَا الِاسْمُ بِإِلْزَامِ هَذَا الْحَذْفِ، ثُمَّ احْتَجَّ الْفَرَّاءُ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّا لَوْ جَعَلْنَا الْمِيمَ قَائِمًا مَقَامَ حَرْفِ النِّدَاءِ لَكُنَّا قَدْ أَخَّرْنَا النِّدَاءَ عَنْ ذِكْرِ الْمُنَادَى، وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ الْبَتَّةَ، فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ الْبَتَّةَ (اللَّهُ يَا) وَعَلَى قَوْلِكُمْ يَكُونُ الْأَمْرُ كَذَلِكَ الثَّانِي: لَوْ كَانَ هَذَا الْحَرْفُ قَائِمًا مَقَامَ النِّدَاءِ لَجَازَ مِثْلُهُ فِي سَائِرِ الْأَسْمَاءِ، حَتَّى يُقَالَ: زَيْدُمَّ وَبَكْرُمَّ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يَا زَيْدُ وَيَا بَكْرُ وَالثَّالِثُ: لَوْ كَانَ الْمِيمُ بَدَلًا عَنْ حَرْفِ النِّدَاءِ لَمَا اجْتَمَعَا، لَكِنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي الشِّعْرِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ الرَّابِعُ: لَمْ نَجِدِ الْعَرَبَ يَزِيدُونَ هَذِهِ الْمِيمَ فِي الْأَسْمَاءِ التَّامَّةِ لِإِفَادَةِ مَعْنَى بَعْضِ الْحُرُوفِ الْمُبَايِنَةِ لِلْكَلِمَةِ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهَا، فَكَانَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ الْوَاحِدَةِ حُكْمًا عَلَى خِلَافِ الِاسْتِقْرَاءِ الْعَامِّ فِي اللُّغَةِ وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ، فَهَذَا جُمْلَةُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مالِكَ الْمُلْكِ فِي نَصْبِهِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ منصوب على النداء، وكذلك قوله قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الزُّمَرِ: 46] وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ لِأَنَّ قَوْلَنَا اللَّهُمَّ مَجْمُوعُ الِاسْمِ وَالْحَرْفِ، وَهَذَا الْمَجْمُوعُ لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ وَالثَّانِي: وَهُوَ/ قَوْلُ الْمُبَرِّدِ وَالزَّجَّاجِ أَنَّ مالِكَ وَصْفٌ لِلْمُنَادَى الْمُفْرَدِ، لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ وَمَعَهُ الْمِيمُ بِمَنْزِلَتِهِ وَمَعَهُ (يَا) وَلَا يَمْتَنِعُ الصِّفَةُ مَعَ الْمِيمِ، كَمَا لَا يَمْتَنِعُ مَعَ الْيَاءِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ مَكَّةَ وَعَدَ أُمَّتَهُ مُلْكَ فَارِسَ وَالرُّومِ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ وَالْيَهُودُ:
هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ مِنْ أَيْنَ لِمُحَمَّدٍ مُلْكُ فَارِسَ وَالرُّومِ، وَهُمْ أَعَزُّ وَأَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ،
وَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمَّا خَطَّ الْخَنْدَقَ عَامَ الْأَحْزَابِ، وَقَطَعَ لِكُلِّ عَشَرَةٍ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا، وَأَخَذُوا يَحْفِرُونَ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ الْخَنْدَقِ صَخْرَةٌ كَالتَّلِّ الْعَظِيمِ لَمْ تَعْمَلْ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، فَوَجَّهُوا سَلْمَانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَبَّرَهُ، فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ مِنْ سَلْمَانَ فَلَمَّا ضَرَبَهَا ضَرْبَةً صَدَّعَهَا وَبَرَقَ مِنْهَا بَرْقٌ أَضَاءَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا كَأَنَّهُ مِصْبَاحٌ فِي جَوْفِ لَيْلٍ مُظْلِمٍ، فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَضَاءَتْ لِي مِنْهَا قُصُورُ الْحِيرَةِ كَأَنَّهَا أَنْيَابُ الْكِلَابِ» ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: «أَضَاءَتْ لِي مِنْهَا الْقُصُورُ الْحُمْرُ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ» ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: «أَضَاءَتْ لِي مِنْهَا قُصُورُ صَنْعَاءَ وَأَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَةٌ عَلَى كُلِّهَا فَأَبْشِرُوا» فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ نَبِيِّكُمْ يَعِدُكُمُ الْبَاطِلَ وَيُخْبِرُكُمْ أَنَّهُ يُبْصِرُ مِنْ يَثْرِبَ قُصُورَ الْحِيرَةِ وَمَدَايِنَ كِسْرَى، وَأَنَّهَا تُفْتَحُ لَكُمْ وَأَنْتُمْ تَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ مِنَ الْخَوْفِ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَخْرُجُوا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ الْحَسَنُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يَسْأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مُلْكَ فَارِسَ وَالرُّومِ وَيَرُدَّ ذُلَّ الْعَرَبِ عَلَيْهِمَا، وَأَمْرُهُ بِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَجِيبُ لَهُ هَذَا الدُّعَاءَ، وَهَكَذَا مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِذَا أُمِرُوا بِدُعَاءٍ اسْتُجِيبَ دعاءهم.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْمُلْكِ هُوَ الْقُدْرَةُ، وَالْمَالِكُ هُوَ الْقَادِرُ، فَقَوْلُهُ مالِكَ الْمُلْكِ مَعْنَاهُ الْقَادِرُ عَلَى الْقُدْرَةِ، وَالْمَعْنَى إِنَّ قُدْرَةَ الْخَلْقِ عَلَى كُلِّ ما يقدرون عليه ليست بِإِقْدَارِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ الَّذِي يُقْدِرُ كُلَّ قَادِرٍ عَلَى مَقْدُورِهِ،

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست