responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 90
فَحَثَّ عَلَى الِاحْتِيَاطِ فِي أَمْرِ الْأَمْوَالِ لِكَوْنِهَا سَبَبًا لِمَصَالِحِ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، قَالَ الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أَلْفَاظَ الْقُرْآنِ جَارِيَةٌ فِي الْأَكْثَرِ عَلَى الِاخْتِصَارِ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ بَسْطٌ شَدِيدٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ:
إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ثُمَّ قَالَ ثَانِيًا: وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ ثُمَّ قَالَ ثَالِثًا: وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ فَكَانَ هَذَا كَالتَّكْرَارِ لِقَوْلِهِ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ لِأَنَّ الْعَدْلَ هُوَ مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ رَابِعًا: فَلْيَكْتُبْ وَهَذَا إِعَادَةُ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ خَامِسًا: وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَفِي قَوْلِهِ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ كِفَايَةٌ عَنْ قَوْلِهِ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ لِأَنَّ الْكَاتِبَ بِالْعَدْلِ إِنَّمَا يَكْتُبُ مَا يُمْلَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ سَادِسًا: وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَهَذَا تَأْكِيدٌ، ثُمَّ قَالَ سَابِعًا: وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَهَذَا كَالْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ثم قال ثامناً: وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ وَهُوَ أَيْضًا تَأْكِيدٌ لِمَا مَضَى، ثُمَّ قَالَ تَاسِعًا: ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا فَذَكَرَ هَذِهِ الْفَوَائِدَ الثَّلَاثَةَ لِتِلْكَ التَّأْكِيدَاتِ السَّالِفَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا حَثَّ عَلَى مَا يَجْرِي مَجْرَى سَبَبِ تَنْقِيصِ الْمَالِ فِي الْحُكْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ بَالَغَ فِي هَذَا الْحُكْمِ فِي الْوَصِيَّةِ بِحِفْظِ الْمَالِ الْحَلَالِ، وَصَوْنِهِ/ عَنِ الْهَلَاكِ وَالْبَوَارِ لِيَتَمَكَّنَ الْإِنْسَانُ بِوَاسِطَتِهِ مِنَ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنْ مَسَاخِطِ اللَّهِ مِنَ الرِّبَا وَغَيْرِهِ، وَالْمُوَاظَبَةِ عَلَى تَقْوَى اللَّهِ فَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ مِنْ وُجُوهِ النَّظْمِ، وَهُوَ حَسَنٌ لَطِيفٌ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا: الْمُرَادُ بِالْمُدَايَنَةِ السَّلَمُ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا مَنَعَ الرِّبَا فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَذِنَ فِي السَّلَمِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْآيَةِ مَعَ أَنَّ جَمِيعَ الْمَنَافِعِ الْمَطْلُوبَةِ مِنَ الرِّبَا حَاصِلَةٌ فِي السَّلَمِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَا لَذَّةَ وَلَا مَنْفَعَةَ يُوصَلُ إِلَيْهَا بِالطَّرِيقِ الْحَرَامِ إِلَّا وَضَعَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِتَحْصِيلِ مِثْلِ ذَلِكَ اللَّذَّةِ طَرِيقًا حَلَالًا وَسَبِيلًا مَشْرُوعًا فَهَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِوَجْهِ النَّظْمِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: التَّدَايُنُ تَفَاعُلٌ مِنَ الدَّيْنِ، وَمَعْنَاهُ دَايَنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَتَدَايَنْتُمْ تَبَايَعْتُمْ بَدَيْنٍ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْقَرْضُ غَيْرُ الدَّيْنِ، لِأَنَّ الْقَرْضَ أَنْ يُقْرِضَ الْإِنْسَانُ دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ، أَوْ حَبًّا، أَوْ تَمْرًا، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْأَجَلُ وَالدَّيْنُ يَجُوزُ فِيهِ الْأَجَلُ، وَيُقَالُ مِنَ الدَّيْنِ ادَّانَ إِذَا بَاعَ سِلْعَتَهُ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ، وَدَانَ يُدِينُ إِذَا أَقْرَضَ، وَدَانَ إِذَا اسْتَقْرَضَ وَأَنْشَدَ الْأَحْمَرُ:
نَدِينُ وَيَقْضِي اللَّهُ عَنَّا وَقَدْ نَرَى ... مَصَارِعَ قَوْمٍ لَا يَدِينُونَ ضُيَّقَا
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: فِي الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْمُدَايَنَةِ أَقْوَالٌ:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي السَّلَفِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي التَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَرَّفَ الْمُكَلَّفِينَ وَجْهَ الِاحْتِيَاطِ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْأَجَلِ، فَقَالَ: إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ الْقَرْضُ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْقَرْضَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ الْأَجَلُ وَالدَّيْنُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ قَدِ اشْتُرِطَ فِيهِ الْأَجَلُ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّ الْبِيَاعَاتِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: بَيْعُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ، وَذَلِكَ لَيْسَ بِمُدَايَنَةٍ الْبَتَّةَ وَالثَّانِي: بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ بَاطِلٌ، فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ هَذِهِ الْآيَةِ، بَقِيَ هُنَا قِسْمَانِ: بَيْعُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست