responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 86
إِلَى حَالَةِ الْعُسْرَةِ، وَهِيَ الْحَالَةُ الَّتِي يَتَعَسَّرُ فِيهَا وُجُودُ الْمَالِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الْآيَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَالْحُكْمُ أَوْ فَالْأَمْرُ نَظِرَةٌ، أَوْ فَالَّذِي تُعَامِلُونَهُ نَظِرَةٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: نَظِرَةٌ أَيْ تَأْخِيرٌ، وَالنَّظِرَةُ الِاسْمُ مِنَ الْإِنْظَارِ، وَهُوَ الْإِمْهَالُ، تَقُولُ: بِعْتُهُ الشَّيْءَ بِنَظِرَةٍ وَبِإِنْظَارٍ، قَالَ تَعَالَى: قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [الحجر: 36، 37، 38] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قُرِئَ فَنَظِرَةٌ بِسُكُونِ الظَّاءِ، وَقَرَأَ عَطَاءٌ (فَنَاظِرُهُ) أَيْ فَصَاحِبُ الْحَقِّ أَيْ مُنْتَظِرُهُ، أَوْ صَاحِبُ نَظِرَتِهِ، عَلَى طَرِيقِ النَّسَبِ، كَقَوْلِهِمْ: مَكَانٌ عَاشِبٌ وَبَاقِلٌ، أَيْ ذُو عُشْبٍ وَذُو بَقْلٍ، وَعَنْهُ فَنَاظِرْهُ عَلَى الْأَمْرِ أَيْ فَسَامِحْهُ بِالنَّظِرَةِ إِلَى الْمَيْسَرَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْمَيْسَرَةُ مَفْعَلَةٌ مِنَ الْيُسْرِ وَالْيَسَارِ، الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْإِعْسَارِ، وَهُوَ تَيَسُّرُ الْمَوْجُودِ مِنَ الْمَالِ، وَمِنْهُ يُقَالُ: أَيْسَرَ الرَّجُلُ فَهُوَ مُوسِرٌ، أَيْ صَارَ إِلَى الْيُسْرِ، فَالْمَيْسَرَةُ وَالْيُسْرُ وَالْمَيْسُورُ الْغِنَى.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَرَأَ نَافِعٌ مَيْسَرَةٍ بِضَمِّ السِّينِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ كَالْمَقْبَرَةِ، وَالْمَشْرَفَةِ، وَالْمَشْرَبَةِ، وَالْمَسْرَبَةِ، وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ اللُّغَتَيْنِ، لِأَنَّهُ جَاءَ فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرًا.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ حُكْمَ الْإِنْظَارِ مُخْتَصٌّ بِالرِّبَا أَوْ عَامٌّ فِي الْكُلِّ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَشُرَيْحٌ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ وَإِبْرَاهِيمُ: الْآيَةُ فِي الرِّبَا، وَذُكِرَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ أَمَرَ بِحَبْسِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ فَقِيلَ: إِنَّهُ مُعْسِرٌ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الرِّبَا، وَاللَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها [النِّسَاءِ: 58] وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَتِ الْإِخْوَةُ الْأَرْبَعَةُ الَّذِينَ كَانُوا يُعَامِلُونَ بِالرِّبَا: بَلْ نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا طَاقَةَ لَنَا بِحَرْبِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَرَضُوا بِرَأْسِ الْمَالِ وَطَلَبُوا بَنِي الْمُغِيرَةِ بِذَلِكَ، فَشَكَا بنو المغيرة العسرة، وَقَالُوا: أَخِّرُونَا إِلَى أَنْ تُدْرِكَ الْغَلَّاتُ، فَأَبَوْا أَنْ يُؤَخِّرُوهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّهَا عَامَّةٌ فِي كُلِّ دَيْنٍ، وَاحْتَجُّوا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ وَلَمْ يَقُلْ: وَإِنْ كَانَ ذَا عُسْرَةٍ، لِيَكُونَ الْحُكْمُ عَامًّا فِي كُلِّ الْمُفَسِّرِينَ، قَالَ الْقَاضِي: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ في الآية المتقدمة وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ مِنْ غَيْرِ بَخْسٍ وَلَا نَقْصٍ، ثُمَّ قاتل فِي هَذِهِ الْآيَةِ: وَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْمَالُ مُعْسِرًا وَجَبَ إِنْظَارُهُ إِلَى وَقْتِ الْقُدْرَةِ، لِأَنَّ النَّظِرَةَ يُرَادُ بِهَا التَّأَخُّرُ، فَلَا بُدَّ مِنْ حَقٍّ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ حَتَّى يَلْزَمَ التَّأَخُّرُ، بَلْ لَمَّا ثَبَتَ وُجُوبُ الْإِنْظَارِ فِي هَذِهِ بِحُكْمِ النَّصِّ، ثَبَتَ وُجُوبُهُ فِي سَائِرِ الصُّوَرِ ضَرُورَةَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَعْنَى، وَهُوَ أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ أَدَاءِ الْمَالِ لَا يَجُوزُ تَكْلِيفُهُ بِهِ، وهذا قول أكثر الفقهاء كأبي حنفية وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِ الْإِعْسَارِ، فَنَقُولُ: الْإِعْسَارُ هُوَ أَنْ لَا يَجِدَ فِي مِلْكِهِ مَا يُؤَدِّيهِ بِعَيْنِهِ، وَلَا يَكُونُ لَهُ مَا لَوْ بَاعَهُ لَأَمْكَنَهُ أَدَاءَ الدَّيْنِ مِنْ ثمنه، فلهذا قلنا: من وحد دَارًا وَثِيَابًا لَا يُعَدُّ فِي ذَوِي الْعُسْرَةِ إِذَا مَا أَمْكَنَهُ بَيْعَهَا وَأَدَاءَ ثَمَنِهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْبِسَ إِلَّا قُوتَ يَوْمٍ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ، وَمَا لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ كُسْوَةٍ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست