responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 83
وَإِنَّمَا شَدَّدَ تَعَالَى فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ مَنِ انْتَظَرَ مُدَّةً طَوِيلَةً فِي حُلُولِ الْأَجَلِ، ثُمَّ حَضَرَ الْوَقْتُ وَظَنَّ نَفْسَهُ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ قَدْ حَصَلَتْ لَهُ، فَيَحْتَاجُ فِي مَنْعِهِ عَنْهُ إِلَى تَشْدِيدٍ عَظِيمٍ، فَقَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ وَاتِّقَاؤُهُ مَا نَهَى عَنْهُ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا يَعْنِي إِنْ كُنْتُمْ قَدْ قَبَضْتُمْ شَيْئًا فَيَعْفُو عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضُوهُ، أَوْ لَمْ تَقْبِضُوا بَعْضَهُ، فَذَلِكَ الَّذِي لَمْ تَقْبِضُوهُ كلا كان، أو بعضاً فإنه محرم قَبْضُهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي أَحْكَامِ الْكُفَّارِ إِذَا أَسْلَمُوا، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا مَضَى فِي وَقْتِ الْكُفْرِ فَإِنَّهُ يَبْقَى ولا ينقص، وَلَا يُفْسَخُ، وَمَا لَا يُوجَدُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي حَالِ الْكُفْرِ فَحُكْمُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَإِذَا تَنَاكَحُوا عَلَى مَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ وَلَا يَجُوزُ فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ عَفْوٌ لَا يُتَعَقَّبُ، وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ وَقَعَ عَلَى مُحَرَّمٍ فَقَبَضَتْهُ الْمَرْأَةُ فَقَدْ مَضَى، وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَقْبِضْهُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا دُونَ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
فَإِنْ قِيلَ: كيف قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.
الْجَوَابُ: مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذَا مِثْلُ مَا يُقَالُ: إِنْ كُنْتَ أَخًا فَأَكْرِمْنِي، مَعْنَاهُ: إِنَّ مَنْ كَانَ أَخًا أَكْرَمَ أَخَاهُ وَالثَّانِي: قِيلَ: مَعْنَاهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَبْلَهُ الثَّالِثُ: إِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ اسْتِدَامَةَ الْحُكْمِ لَكُمْ بِالْإِيمَانِ الرَّابِعُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِلِسَانِهِمْ ذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بِقُلُوبِكُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ رِوَايَاتٌ:
الرِّوَايَةُ الْأُولَى: أَنَّهَا خِطَابٌ لِأَهْلِ مَكَّةَ كَانُوا يُرَابُونَ فَلَمَّا أَسْلَمُوا عِنْدَ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَرَهُمُ اللَّهُ/ تَعَالَى أَنْ يأخذوا رؤوس أَمْوَالِهِمْ دُونَ الزِّيَادَةِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ مُقَاتِلٌ: إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَرْبَعَةِ إِخْوَةٍ مِنْ ثقيف: مسعود، وعبد يا ليل، وَحَبِيبٌ، وَرَبِيعَةُ، بَنُو عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ الثَّقَفِيِّ كَانُوا يُدَايِنُونَ بَنِي الْمُغِيرَةِ، فَلَمَّا ظَهَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الطَّائِفِ أَسْلَمَ الْإِخْوَةُ، ثُمَّ طَالَبُوا بِرِبَاهُمْ بَنِي الْمُغِيرَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: نَزَلَتْ فِي الْعَبَّاسِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَكَانَا أَسْلَفَا فِي التَّمْرِ، فَلَمَّا حَضَرَ الجداد قَبَضَا بَعْضًا، وَزَادَ فِي الْبَاقِي فَنَزَلَتِ الْآيَةُ، وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ.
الرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ: نَزَلَتْ فِي الْعَبَّاسِ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَكَانَا يُسْلِفَانِ فِي الرِّبَا، وَهُوَ قَوْلُ السُّدِّيِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الْقَاضِي: قَوْلُهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ كَالدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَتَكَامَلُ إِذَا أَصَرَّ الْإِنْسَانُ عَلَى كَبِيرَةٍ وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُؤْمِنًا بِالْإِطْلَاقِ إِذَا اجْتَنَبَ كُلَّ الْكَبَائِرِ.
وَالْجَوَابُ: لَمَّا دَلَّتِ الدَّلَائِلُ الْكَثِيرَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [الْبَقَرَةِ: 3] عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ خَارِجٌ عَنْ مُسَمَّى الْإِيمَانِ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَحْمُولَةً عَلَى كَمَالِ الْإِيمَانِ وَشَرَائِعِهِ، فَكَانَ التَّقْدِيرُ: إِنْ كُنْتُمْ عَامِلِينَ بِمُقْتَضَى شَرَائِعِ الْإِيمَانِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ تَرْكًا لِلظَّاهِرِ لَكِنَّا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ لِتِلْكَ الدَّلَائِلِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ (فَآذِنُوا) مَفْتُوحَةَ الْأَلِفِ مَمْدُودَةً مَكْسُورَةَ الذَّالِ عَلَى مِثَالِ فَآمِنُوا وَالْبَاقُونَ فَأْذَنُوا بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ مَفْتُوحَةَ الذَّالِ مَقْصُورَةً،
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ الله عنه أنهما

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست