responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 76
الباب، وذكر القفال فيه وجه آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ النَّاسَ يُضِيفُونَ الصَّرَعَ إِلَى الشَّيْطَانِ وَإِلَى الْجِنِّ، فَخُوطِبُوا عَلَى مَا تَعَارَفُوهُ مِنْ هَذَا، وَأَيْضًا مِنْ عَادَةِ النَّاسِ أَنَّهُمْ إِذَا أَرَادُوا تَقْبِيحَ شَيْءٍ أَنْ يُضِيفُوهُ إِلَى الشَّيْطَانِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ [الصَّافَّاتِ: 65] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لِلْمُفَسِّرِينَ فِي الْآيَةِ أَقْوَالٌ الْأَوَّلُ: أَنَّ آكِلَ الرِّبَا يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَجْنُونًا وَذَلِكَ كَالْعَلَامَةِ الْمَخْصُوصَةِ بِآكِلِ الرِّبَا، فَعَرَفَهُ أَهْلُ الْمَوْقِفِ لِتِلْكَ الْعَلَامَةِ أَنَّهُ آكِلُ الرِّبَا فِي الدُّنْيَا، فَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَجَانِينَ، كَمَنْ أَصَابَهُ الشَّيْطَانُ بِجُنُونٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَ ابْنُ مُنَبِّهٍ: يُرِيدُ إِذَا بُعِثَ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ خَرَجُوا مُسْرِعِينَ لِقَوْلِهِ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً [الْمَعَارِجِ: 43] إِلَّا أَكَلَةَ الرِّبَا فَإِنَّهُمْ يَقُومُونَ وَيَسْقُطُونَ، كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَكَلُوا الرِّبَا فِي الدُّنْيَا، فَأَرْبَاهُ اللَّهُ فِي بُطُونِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى أَثْقَلَهُمْ فَهُمْ يَنْهَضُونَ، وَيَسْقُطُونَ، وَيُرِيدُونَ الْإِسْرَاعَ، وَلَا يَقْدِرُونَ، وَهَذَا الْقَوْلُ غَيْرُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ أَكَلَةَ الرِّبَا لَا يُمْكِنُهُمُ الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ بِسَبَبِ ثِقَلِ الْبَطْنِ، وَهَذَا لَيْسَ مِنَ الْجُنُونِ فِي شَيْءٍ، وَيَتَأَكَّدُ هَذَا الْقَوْلُ بِمَا
رُوِيَ فِي قِصَّةِ الْإِسْرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْطَلَقَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى/ رِجَالٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَالْبَيْتِ الضَّخْمِ، يَقُومُ أَحَدُهُمْ فَتَمِيلُ بِهِ بَطْنُهُ فَيُصْرَعُ، فَقُلْتُ:
يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ [الْأَعْرَافِ: 201] وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَدْعُو إِلَى طَلَبِ اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ وَالِاشْتِغَالِ بِغَيْرِ اللَّهِ، فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا مُتَخَبِّطًا، فَتَارَةً الشَّيْطَانُ يَجُرُّهُ إِلَى النَّفْسِ وَالْهَوَى، وَتَارَةً الْمَلَكُ يَجُرُّهُ إِلَى الدِّينِ وَالتَّقْوَى، فَحَدَثَتْ هُنَاكَ حَرَكَاتٌ مُضْطَرِبَةٌ، وَأَفْعَالٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَهَذَا هُوَ الْخَبْطُ الْحَاصِلُ بِفِعْلِ الشَّيْطَانِ وَآكِلُ الرِّبَا لَا شَكَّ أَنَّهُ يَكُونُ مُفْرِطًا فِي حُبِّ الدُّنْيَا مُتَهَالِكًا فِيهَا، فَإِذَا مَاتَ عَلَى ذَلِكَ الْحُبِّ صَارَ ذَلِكَ الْحُبُّ حِجَابًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَالْخَبْطُ الَّذِي كَانَ حَاصِلًا فِي الدُّنْيَا بِسَبَبِ حُبِّ الْمَالِ أَوْرَثَهُ الْخَبْطَ فِي الآخرة، وأوقعه في ذلك الْحِجَابِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ أَقْرَبُ عِنْدِي مِنَ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ نَقَلْنَاهُمَا عَمَّنْ نَقَلْنَا.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْقَوْمُ كَانُوا فِي تَحْلِيلِ الرِّبَا عَلَى هَذِهِ الشُّبْهَةِ، وَهِيَ أَنَّ مَنِ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ فَهَذَا حَلَالٌ، فَكَذَا إِذَا بَاعَ الْعَشَرَةَ بأحد عشرة يجب أن يكون حلال، لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعَقْلِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، فَهَذَا فِي رِبَا النَّقْدِ، وَأَمَّا فِي رِبَا النَّسِيئَةِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ الثَّوْبَ الَّذِي يُسَاوِي عَشَرَةً فِي الْحَالِ بِأَحَدَ عَشَرَ إِلَى شَهْرٍ جَازَ فَكَذَا إِذَا أَعْطَى الْعَشَرَةَ بِأَحَدَ عَشَرَ إِلَى شَهْرٍ، وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعَقْلِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَازَ هُنَاكَ، لِأَنَّهُ حَصَلَ التراضي من الجانبين، فكذا هاهنا لَمَّا حَصَلَ التَّرَاضِي مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ أَيْضًا، فَالْبِيَاعَاتُ إِنَّمَا شُرِّعَتْ لِدَفْعِ الْحَاجَاتِ، ولعلل الْإِنْسَانَ أَنْ يَكُونَ صِفْرَ الْيَدِ فِي الْحَالِ شَدِيدَ الْحَاجَةِ، وَيَكُونَ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الزَّمَانِ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ، فَإِذَا لَمْ يَجُزِ الرِّبَا لَمْ يُعْطِهِ رَبُّ الْمَالِ شَيْئًا فَيَبْقَى الْإِنْسَانُ فِي الشِّدَّةِ وَالْحَاجَةِ، إِمَّا بِتَقْدِيرِ جَوَازِ الرِّبَا فَيُعْطِيهِ رَبُّ الْمَالِ طَمَعًا فِي الزِّيَادَةِ، وَالْمَدْيُونُ يَرُدُّهُ عِنْدَ وِجْدَانِ الْمَالِ، وَإِعْطَاءُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ عِنْدَ وِجْدَانِ الْمَالِ أَسْهَلُ عَلَيْهِ مِنَ الْبَقَاءِ فِي الْحَاجَةِ قَبْلَ وِجْدَانِ الْمَالِ، فَهَذَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست