responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 66
الْمَطْلُوبُ مِنْهُمُ الْإِيمَانُ عَلَى سَبِيلِ التَّطَوُّعِ وَالِاخْتِيَارِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ خِطَابٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُوَ وَأُمَّتُهُ، أَلَا تَرَاهُ قَالَ: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ [الْبَقَرَةِ: 271] وَهَذَا خِطَابٌ عَامٌّ، ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَهُوَ فِي الظَّاهِرِ خَاصٌّ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَهَذَا عَامٌّ فَيُفْهَمُ مِنْ عُمُومِ مَا قَبْلَ الْآيَةِ وَعُمُومُ مَا بَعْدَهَا عُمُومُهَا أَيْضًا.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَقَدِ احْتَجَّ بِهِ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ هِدَايَةَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ عَامَّةٍ، بَلْ هِيَ مَخْصُوصَةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ قَالُوا: لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِثْبَاتٌ لِلْهِدَايَةِ الَّتِي نَفَاهَا بِقَوْلِهِ لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ لَكِنَّ الْمَنْفِيَّ بِقَوْلِهِ لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ هُوَ حُصُولُ الِاهْتِدَاءِ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ، فَكَانَ قَوْلُهُ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ عِبَارَةً عَنْ حُصُولِ الِاهْتِدَاءِ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الِاهْتِدَاءُ الْحَاصِلُ بِالِاخْتِيَارِ وَاقِعًا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَخْلِيقِهِ وَتَكْوِينِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْمَطْلُوبُ.
قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ يحتمل وجوهاًأحدها: أَنَّهُ يَهْدِي بِالْإِثَابَةِ وَالْمُجَازَاةِ مَنْ يَشَاءُ مِمَّنِ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ وَثَانِيهَا: يَهْدِي بِالْأَلْطَافِ وَزِيَادَاتِ الْهُدَى من يشاءوا ثالثها: وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي بِالْإِكْرَاهِ مَنْ يَشَاءُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ يَهْدِي بِالِاسْمِ وَالْحُكْمِ مَنْ يَشَاءُ، فَمَنِ اهْتَدَى اسْتَحَقَّ أَنْ يُمْدَحَ بِذَلِكَ.
أَجَابَ الْأَصْحَابُ عَنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ بِأَسْرِهَا أَنَّ الْمُثْبَتَ فِي قَوْلِهِ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ هُوَ الْمَنْفِيُّ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْمَنْفِيِّ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ هُوَ الِاهْتِدَاءُ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ، فَالْمُثْبَتُ بِقَوْلِهِ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الِاهْتِدَاءَ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُسْقِطُ كُلَّ الْوُجُوهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ فَالْمَعْنَى: وَكُلُّ نَفَقَةٍ تُنْفِقُونَهَا مِنْ نَفَقَاتِ الْخَيْرِ فَإِنَّمَا هُوَ لِأَنْفُسِكُمْ أَيْ لِيَحْصُلَ لِأَنْفُسِكُمْ ثَوَابُهُ فَلَيْسَ يَضُرُّكُمْ كُفْرُهُمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي هَذِهِ الْآيَةِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: وَلَسْتُمْ فِي صَدَقَتِكُمْ عَلَى أَقَارِبِكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تَقْصِدُونَ إِلَّا وَجْهَ اللَّهِ، فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ هَذَا مِنْ قُلُوبِكُمْ، فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِمْ إِذَا كُنْتُمْ إِنَّمَا تَبْتَغُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ فِي صِلَةِ رَحِمٍ وَسَدِّ خَلَّةِ مُضْطَرٍّ وَلَيْسَ عَلَيْكُمُ اهْتِدَاؤُهُمْ حَتَّى يَمْنَعَكُمْ ذَلِكَ مِنَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ خَبَرًا إِلَّا أَنَّ مَعْنَاهُ نَهْيٌ، أَيْ وَلَا تُنْفِقُوا إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، وَوَرَدَ الْخَبَرُ بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ كَثِيرًا قَالَ تعالى: الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ [الْبَقَرَةِ: 233] وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ [الْبَقَرَةِ: 228] الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ وَما تُنْفِقُونَ أَيْ وَلَا تَكُونُوا مُنْفِقِينَ مُسْتَحِقِّينَ لِهَذَا الِاسْمِ الَّذِي يُفِيدُ الْمَدْحَ حَتَّى تَبْتَغُوا بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: ذُكِرَ فِي الْوَجْهِ فِي قَوْلِهِ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: فَعَلْتُهُ لِوَجْهِ زَيْدٍ فَهُوَ أَشْرَفُ فِي الذِّكْرِ مِنْ قَوْلِكَ: فَعَلْتُهُ لَهُ لِأَنَّ وَجْهَ الشَّيْءِ أَشْرَفُ مَا فِيهِ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى صَارَ يُعَبَّرُ عَنِ الشَّرَفِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَالثَّانِي: أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: فَعَلْتُ هَذَا الْفِعْلَ لَهُ فَهَهُنَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: فَعَلْتَهُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ أَيْضًا، أَمَّا إِذَا قُلْتَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست