responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 6
فِي قَوْلِهِ وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ [البقرة: 163] بقي هاهنا أَنْ نَتَكَلَّمَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: أَعْظَمُ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَمَا
رَوَيْنَا أَنَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ مَا كَانَ يَزِيدُ عَلَى ذِكْرِهِ فِي السُّجُودِ يَوْمَ بَدْرٍ
يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ هَذَا الِاسْمِ وَالْبَرَاهِينُ الْعَقْلِيَّةُ دَالَّةٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَتَقْرِيرُهُ، وَمِنَ اللَّهِ التَّوْفِيقُ: أَنَّهُ لَا شَكَّ فِي وُجُودِ الْمَوْجُودَاتِ فَهِيَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِأَسْرِهَا مُمْكِنَةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ بِأَسْرِهَا وَاجِبَةً وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ بَعْضُهَا مُمْكِنَةً وَبَعْضُهَا وَاجِبَةً لَا جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ بِأَسْرِهَا مُمْكِنَةً، لِأَنَّ كُلَّ مَجْمُوعٍ فَهُوَ مُفْتَقِرٌ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَائِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَاءِ هَذَا الْمَجْمُوعِ مُمْكِنٌ وَالْمُفْتَقِرُ إِلَى الْمُمْكِنِ أَوْلَى بِالْإِمْكَانِ، فَهَذَا الْمَجْمُوعُ مُمْكِنٌ بِذَاتِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَائِهِ مُمْكِنٌ فَإِنَّهُ لَا يَتَرَجَّحُ وَجُودُهُ عَلَى عَدَمِهِ إِلَّا لِمُرَجَّحٍ مُغَايِرٍ لَهُ، فَهَذَا الْمَجْمُوعُ مُفْتَقِرٌ بِحَسَبِ كَوْنِهِ مَجْمُوعًا وَبِحَسَبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَائِهِ إلى مرجح مغاير له وكل وما كَانَ مُغَايِرًا لِكُلِّ الْمُمْكِنَاتِ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا فَقَدْ وُجِدَ مَوْجُودٌ لَيْسَ بِمُمْكِنٍ، فَبَطَلَ الْقَوْلُ بِأَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ مُمْكِنٌ وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يُقَالَ الْمَوْجُودَاتُ بِأَسْرِهَا وَاجِبَةٌ فَهَذَا أَيْضًا بَاطِلٌ. لِأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ/ وُجُودَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاجِبٌ لِذَاتِهِ لَكَانَا مُشْتَرِكَيْنِ فِي الْوُجُوبِ بِالذَّاتِ وَمُتَغَايِرَيْنِ بِالنَّفْيِ، وَمَا بِهِ الْمُشَارَكَةُ مُغَايِرٌ لِمَا بِهِ الْمُمَايَزَةُ، فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُرَكَّبًا فِي الْوُجُوبِ الَّذِي بِهِ الْمُشَارَكَةُ، وَمِنَ الْغَيْرِ الَّذِي بِهِ الْمُمَايَزَةُ، وَكُلُّ مُرَكَّبٍ فَهُوَ مُفْتَقِرٌ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ جُزْئِهِ وَجُزْءِ غَيْرِهِ، وَكُلُّ مُرَكَّبٍ فَهُوَ مُفْتَقِرٌ إِلَى غَيْرِهِ، وَكُلُّ مُفْتَقِرٍ إِلَى غَيْرِهِ فَهُوَ مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ، فَلَوْ كَانَ وَاجِبُ الْوُجُودِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ لَمَا كَانَ شَيْءٌ مِنْهَا وَاجِبَ الْوُجُودِ وَذَلِكَ مُحَالٌ، وَلَمَّا بَطَلَ هَذَانِ الْقِسْمَانِ ثَبَتَ أَنَّهُ حَصَلَ فِي مَجْمُوعِ الْمَوْجُودَاتِ مَوْجُودٌ وَاحِدٌ وَاجِبُ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ وَأَنَّ كُلَّ مَا عَدَاهُ فَهُوَ مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ مَوْجُودٌ بِإِيجَادِ ذَلِكَ الْمَوْجُودِ الَّذِي هُوَ وَاجِبُ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، وَلَمَّا بَطَلَ هَذَانِ فَالْوَاجِبُ لِذَاتِهِ مَوْجُودٌ لِذَاتِهِ وَبِذَاتِهِ، وَمُسْتَغْنٍ فِي وُجُودِهِ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، وَأَمَّا كُلُّ مَا سِوَاهُ فَمُفْتَقِرٌ فِي وُجُودِهِ وَمَاهِيَّتِهِ إِلَى إِيجَادِ الْوَاجِبِ لِذَاتِهِ، فَالْوَاجِبُ لِذَاتِهِ قَائِمٌ بِذَاتِهِ وَسَبَبٌ لِتَقَوُّمِ كُلِّ مَا سِوَاهُ فِي مَاهِيَّتِهِ وَفِي وَجُودِهِ، فَهُوَ الْقَيُّومُ الْحَيُّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ الْمَوْجُودَاتِ، فَالْقَيُّومُ هُوَ الْمُتَقَوِّمُ بِذَاتِهِ، الْمُقَوِّمُ لِكُلِّ مَا عَدَاهُ فِي مَاهِيَّتِهِ وَوُجُودِهِ، وَلَمَّا كَانَ وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ كَانَ هُوَ الْقَيُّومَ الْحَقَّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكُلِّ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُؤَثِّرُ فِي الْغَيْرِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُؤَثِّرًا عَلَى سَبِيلِ الْعِلْيَةِ وَالْإِيجَابِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُؤَثِّرًا عَلَى سَبِيلِ الْفِعْلِ وَالِاخْتِيَارِ: لَا جَرَمَ أَزَالَ وَهْمَ كَوْنِهِ مُؤَثِّرًا بِالْعِلْيَةِ وَالْإِيجَابِ بِقَوْلِهِ الْحَيُّ الْقَيُّومُ فَإِنَّ الْحَيَّ هُوَ الدَّرَّاكُ الْفَعَّالُ، فَبِقَوْلِهِ الْحَيُّ دَلَّ عَلَى كَوْنِهِ عَالِمًا قَادِرًا، وَبِقَوْلِهِ الْقَيُّومُ دَلَّ عَلَى كَوْنِهِ قَائِمًا بِذَاتِهِ وَمُقَوِّمًا لِكُلِّ مَا عَدَاهُ، وَمِنْ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ تَتَشَعَّبُ جَمِيعُ الْمَسَائِلِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي عِلْمِ التَّوْحِيدِ.
فَأَوَّلُهَا: أَنَّ وَاجِبَ الْوُجُودِ وَاحِدٌ بِمَعْنَى أَنَّ مَاهِيَّتَهُ غَيْرُ مُرَكَّبَةٍ مِنَ الْأَجْزَاءِ، وَبُرْهَانُهُ أَنَّ كُلَّ مُرَكَّبٍ فَإِنَّهُ مُفْتَقِرٌ فِي تَحَقُّقُهُ إِلَى تَحَقُّقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَائِهِ وَجُزْؤُهُ غَيْرُهُ، وَكُلُّ مُرَكَّبٍ فَهُوَ مُتَقَوِّمٌ بِغَيْرِهِ، وَالْمُتَقَوِّمُ بِغَيْرِهِ لَا يَكُونُ مُتَقَوِّمًا بِذَاتِهِ، فَلَا يَكُونُ قَيُّومًا، وَقَدْ بَيَّنَّا بِالْبُرْهَانِ أَنَّهُ قَيُّومٌ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى فِي ذَاتِهِ وَاحِدٌ، فهذا الأصل له لازمان أحدها: أَنَّ وَاجِبَ الْوُجُودِ وَاحِدٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُجُودِ شَيْئَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاجِبٌ لِذَاتِهِ إِذْ لَوْ فُرِضَ ذَلِكَ لَاشْتَرَكَا فِي الْوُجُوبِ وَتَبَايَنَا فِي التَّعَيُّنِ، وَمَا بِهِ الْمُشَارَكَةُ غَيْرُ مَا بِهِ الْمُبَايَنَةُ، فَيَلْزَمُ كَوْنُ كُلِّ واحد منهما في ذاته مركباً من جز أين، وَقَدْ بَيَّنَّا بَيَانَ أَنَّهُ مُحَالٌ.
اللَّازِمُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ فِي حَقِيقَتِهِ أَنْ تَكُونَ مُرَكَّبَةً مِنْ جُزْأَيْنِ امْتَنَعَ كَوْنُهُ مُتَحَيِّزًا، لِأَنَّ كُلَّ مُتَحَيِّزٍ فَهُوَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست