responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 37
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: إِنَّمَا خَصَّ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ لِأَنَّ الطَّاوُسَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا فِي الْإِنْسَانِ مِنْ حُبِّ/ الزِّينَةِ وَالْجَاهِ وَالتَّرَفُّعِ، قَالَ تَعَالَى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ [آلِ عِمْرَانَ: 14] وَالنَّسْرُ إِشَارَةٌ إِلَى شَدَّةِ الشَّغَفِ بِالْأَكْلِ وَالدِّيكُ إِشَارَةٌ إِلَى شِدَّةِ الشَّغَفِ بِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ مِنَ الْفَرْجِ وَالْغُرَابُ إِشَارَةٌ إِلَى شِدَّةِ الْحِرْصِ عَلَى الْجَمْعِ وَالطَّلَبِ، فَإِنَّ مِنْ حِرْصِ الْغُرَابِ أَنَّهُ يَطِيرُ بِاللَّيْلِ وَيَخْرُجُ بِالنَّهَارِ فِي غَايَةِ الْبَرْدِ لِلطَّلَبِ، وَالْإِشَارَةُ فِيهِ إِلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَسْعَ فِي قَتْلِ شَهْوَةِ النَّفْسِ وَالْفَرْجِ وَفِي إِبْطَالِ الْحِرْصِ وَإِبْطَالِ التَّزَيُّنِ لِلْخَلْقِ لَمْ يَجِدْ فِي قَلْبِهِ رَوْحًا وَرَاحَةً مِنْ نُورِ جَلَالِ اللَّهِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ حَمْزَةُ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ بِكَسْرِ الصَّادِ، وَالْبَاقُونَ بِضَمِّ الصَّادِ، أَمَّا الضَّمُّ فَفِيهِ قولان الأول: أن مِنْ صِرْتُ الشَّيْءَ أَصُورُهُ إِذَا أَمَلْتَهُ إِلَيْهِ وَرَجُلٌ أَصْوَرُ أَيْ مَائِلُ الْعُنُقِ، وَيُقَالُ: صَارَ فُلَانٌ إِلَى كَذَا إِذَا قَالَ بِهِ وَمَالَ إِلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَحْصُلُ فِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ، كَأَنَّهُ قِيلَ: أَمِلْهُنَّ إِلَيْكَ وَقَطِّعْهُنَّ، ثُمَّ اجعل على كل جبل منهن جزأ، فَحَذَفَ الْجُمْلَةَ الَّتِي هِيَ قَطِّعْهُنَّ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ عَلَى مَعْنَى: فَضَرَبَ فَانْفَلَقَ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً يَدُلُّ عَلَى التَّقْطِيعِ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَائِدَةُ فِي أَمْرِهِ بِضَمِّهَا إِلَى نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ يَأْخُذَهَا؟.
قُلْنَا: الْفَائِدَةُ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِيهَا وَيَعْرِفَ أَشْكَالَهَا وَهَيْآتِهَا لِئَلَّا تَلْتَبِسَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِحْيَاءِ، وَلَا يَتَوَهَّمَ أَنَّهَا غَيْرُ تِلْكَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ مَعْنَاهُ قَطِّعْهُنَّ، يُقَالُ: صَارَ الشَّيْءَ يَصُورُهُ صَوْرًا، إِذَا قَطَعَهُ، قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ خَصْمًا أَلَدَّ: صِرْنَاهُ بِالْحُكْمِ، أَيْ قَطَعْنَاهُ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِضْمَارِ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ حَمْزَةَ بِكَسْرِ الصَّادِ، فَقَدْ فَسَّرَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ أَيْضًا تَارَةً بِالْإِمَالَةِ، وَأُخْرَى بِالتَّقْطِيعِ، أَمَّا الْإِمَالَةُ فَقَالَ الْفَرَّاءُ: هَذِهِ لُغَةُ هُذَيْلٍ وَسُلَيْمٍ: صَارَهُ يَصِيرُهُ إِذَا أَمَاتَهُ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ وغيره فصرهن بِكَسْرِ الصَّادِ: قَطِّعْهُنَّ. يُقَالُ: صَارَهُ يَصِيرُهُ إِذَا قَطَعَهُ، قَالَ الْفَرَّاءُ: أَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ مَقْلُوبٌ مِنْ صَرَى يَصْرِي إِذَا قَطَعَ، فَقُدِّمَتْ يَاؤُهَا، كَمَا قَالُوا: عَثَا وَعَاثَ، قَالَ الْمُبَرِّدُ: وَهَذَا لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ مُسْتَقِلٌّ بِذَاتِهِ، فَلَا يَجُوزُ جَعْلُ أَحَدِهِمَا فَرْعًا عَنِ الْآخَرِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَجْمَعَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ: قَطِّعْهُنَّ، وَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَطَعَ أَعْضَاءَهَا وَلُحُومَهَا وَرِيشَهَا وَدِمَاءَهَا، وَخَلَطَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، غَيْرَ أَبِي مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا طَلَبَ إِحْيَاءَ الْمَيِّتِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَرَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِثَالًا قَرَّبَ بِهِ الْأَمْرَ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِصُرْهُنَّ إِلَيْكَ الْإِمَالَةُ وَالتَّمْرِينُ عَلَى الْإِجَابَةِ، أَيْ فَعَوَّدَ الطُّيُورَ الْأَرْبَعَةَ أَنْ تَصِيرَ بِحَيْثُ إِذَا دَعَوْتَهَا أَجَابَتْكَ وَأَتَتْكَ، فَإِذَا صَارَتْ كَذَلِكَ، فَاجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ وَاحِدًا حَالَ حَيَاتِهِ، ثُمَّ ادْعُهُنَّ/ يَأْتِينَكَ سَعْيًا، وَالْغَرَضُ مِنْهُ ذِكْرُ مِثَالٍ مَحْسُوسٍ فِي عَوْدِ الْأَرْوَاحِ إِلَى الْأَجْسَادِ عَلَى سَبِيلِ السُّهُولَةِ وَأَنْكَرَ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ: فَقَطِّعْهُنَّ. وَاحْتَجَّ على بِوُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي اللُّغَةِ فِي قَوْلِهِ فَصُرْهُنَّ أَمِلْهُنَّ وَأَمَّا التَّقْطِيعُ وَالذَّبْحُ فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَكَانَ إِدْرَاجُهُ فِي الْآيَةِ إِلْحَاقًا لِزِيَادَةٍ بِالْآيَةِ لَمْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِصُرْهُنَّ قَطِّعْهُنَّ لَمْ يَقُلْ إليك،

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست