responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 25
فِي الْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ أَسْهَلُ بِكَثِيرٍ مِنَ الْتِزَامِ إِطْلَاعِ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ، فَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَحْصُلَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ، إِلَّا أَنَّهُ يَكُونُ الدَّلِيلُ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ هُوَ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ، وَلَا يَكُونُ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ دَلِيلًا عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ، وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ دَلِيلُهُ الثَّانِي ضَائِعًا كَمَا صَارَ دَلِيلَهُ الْأَوَّلُ ضَائِعًا، وَأَيْضًا فَمَا الدَّلِيلُ الَّذِي حَمَلَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى أَنْ تَرَكَ الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ السُّؤَالِ الرَّكِيكِ وَالْتَزَمَ الِانْقِطَاعَ، وَاعْتَرَفَ بِالْحَاجَةِ إِلَى الِانْتِقَالِ إِلَى تَمَسُّكٍ بِدَلِيلٍ لَا يُمْكِنُهُ تَمْشِيَتُهُ إِلَّا بِالْتِزَامِ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَأْتِيَ بِإِطْلَاعِ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ يَضِيعُ دَلِيلُهُ الثَّانِي كَمَا ضَاعَ الْأَوَّلُ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْتِزَامَ هَذِهِ الْمَحْذُورَاتِ لَا يَلِيقُ بِأَقَلِّ النَّاسِ عِلْمًا فَضْلًا عَنْ أَفْضَلِ الْعُقَلَاءِ وَأَعْلَمِ الْعُلَمَاءِ، فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ الَّذِي أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَيْهِ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْإِشْكَالَاتِ، لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا احْتَجَّ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ أَوْرَدَ الْخَصْمُ عَلَيْهِ سُؤَالًا لَا يَلِيقُ بِالْعُقَلَاءِ، وَهُوَ أَنَّكَ إِذَا ادَّعَيْتَ الْإِحْيَاءَ وَالْإِمَاتَةَ لَا بِوَاسِطَةٍ، فَذَلِكَ لَا تَجِدُ إِلَى إِثْبَاتِهِ سَبِيلًا، وَإِنِ ادَّعَيْتَ حُصُولَهُمَا بِوَاسِطَةِ حَرَكَاتِ الْأَفْلَاكِ فَنَظِيرُهُ أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ حَاصِلٌ لِلْبَشَرِ، فَأَجَابَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنَّ الْإِحْيَاءَ وَالْإِمَاتَةَ وَإِنْ حَصَلَا بِوَاسِطَةِ حَرَكَاتِ الْأَفْلَاكِ، لَكِنَّ تِلْكَ الْحَرَكَاتِ حَصَلَتْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي كَوْنِ الْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْخَلْقِ فَإِنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى تَحْرِيكَاتِ الْأَفْلَاكِ فَلَا جَرَمَ لَا يَكُونُ الْإِحْيَاءُ وَالْإِمَاتَةُ صَادِرَيْنِ مِنْهُمْ، وَمَتَى حَمَلْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنَ الْمَحْذُورَاتِ الْمَذْكُورَةِ لَازِمًا عَلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ كَلَامِهِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ فَالْمَعْنَى: فَبَقِيَ مَغْلُوبًا لا يجد مقالًا، ولا للمسألة جوابه، وَهُوَ كَقَوْلِهِ بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها [الْأَنْبِيَاءِ: 40] قَالَ الْوَاحِدِيُّ، وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: بُهِتَ الرَّجُلُ فَهُوَ مَبْهُوتٌ، وَبَهَتَ وَبَهِتَ، قَالَ عُرْوَةُ الْعُذْرِيُّ:
فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ أُرَاهَا فُجَاءَةً ... فَأُبْهَتُ حَتَّى مَا أَكَادُ أُجِيبُ
أَيْ أَتَحَيَّرُ وَأَسْكُتُ.
ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ وَتَأْوِيلُهُ عَلَى قَوْلِنَا ظَاهِرٌ، أَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ وُجُوهًا: مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَهْدِيهِمْ لِظُلْمِهِمْ وَكُفْرِهِمْ لِلْحِجَاجِ وَلِلْحَقِّ كَمَا يَهْدِي الْمُؤْمِنَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْكَافِرِ مِنْ أَنْ يَعْجِزَ وَيَنْقَطِعَ.
وَأَقُولُ: هَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يَهْدِيهِمْ لِلْحِجَاجِ، إِنَّمَا يَصِحُّ حَيْثُ يَكُونُ الْحِجَاجُ مَوْجُودًا وَلَا حِجَاجَ عَلَى الْكُفْرِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَهْدِيهِ إِلَيْهِ، قَالَ الْقَاضِي: وَمِنْهَا/ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يَهْدِيهِمْ لِزِيَادَاتِ الْأَلْطَافِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ بِالْكُفْرِ وَالظُّلْمِ سَدُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ طَرِيقَ الِانْتِفَاعِ بِهِ.
وَأَقُولُ: هَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَاتِ إِذَا كَانَتْ فِي حَقِّهِمْ مُمْتَنِعَةً عَقْلًا لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى لَا يَهْدِيهِمْ، كَمَا لَا يُقَالُ: إِنَّهُ تَعَالَى يَجْمَعُ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ قَالَ الْقَاضِي: وَمِنْهَا أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَهْدِيهِمْ إِلَى الثَّوَابِ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يَهْدِيهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ.
وَأَقُولُ: هَذَا أيضاً ضعيف، لأن المذكور هاهنا أَمْرُ الِاسْتِدْلَالِ وَتَحْصِيلُ الْمَعْرِفَةِ وَلَمْ يَجْرِ لِلْجَنَّةِ ذِكْرٌ، فَيَبْعُدُ صَرْفُ اللَّفْظِ إِلَى الْجَنَّةِ، بَلْ أَقُولُ: اللَّائِقُ بِسِيَاقِ الْآيَةِ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الدَّلِيلَ كَانَ قَدْ بَلَغَ فِي الظُّهُورِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست