responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 19
وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّانِي: وَهُوَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى الْعُدُولِ بِهِمْ مِنَ النَّارِ إِلَى الْجَنَّةِ فَهُوَ أَيْضًا مَدْفُوعٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كُلُّ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ فَإِنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْكُفْرَ وَالْإِيمَانَ، غَيْرَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ [الْأَنْعَامِ: 1] فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَالَ: وَجَعَلَ الْكُفْرَ ظُلْمَةً، لِأَنَّهُ كَالظُّلْمَةِ فِي الْمَنْعِ مِنَ الْإِدْرَاكِ، وَجَعَلَ الْإِيمَانَ نُورًا لِأَنَّهُ كَالسَّبَبِ فِي حُصُولِ الْإِدْرَاكِ.
وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ الْعُدُولَ بِالْمُؤْمِنَ مِنَ النَّارِ إِلَى الْجَنَّةِ أَمْرٌ وَاجِبٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ فَلَا يَجُوزُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْكُفْرِ ثُمَّ أَخْرَجَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ، ثم هاهنا قَوْلَانِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنْ يُجْرَى اللَّفْظُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُخْتَصَّةٌ بِمَنْ كَانَ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ، وَالْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ ذكروا في سبب النزول روايات أحدهما: قَالَ مُجَاهِدٌ: هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ آمَنُوا بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَوْمٍ كَفَرُوا بِهِ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنَ بِهِ مَنْ كَفَرَ بِعِيسَى، وَكَفَرَ بِهِ مَنْ آمَنَ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَثَانِيَتُهَا: أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ آمَنُوا بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى طَرِيقَةِ النَّصَارَى، ثُمَّ آمَنُوا بَعْدَهُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ كَانَ إِيمَانُهُمْ بِعِيسَى حِينَ آمَنُوا بِهِ ظُلْمَةً وَكُفْرًا، لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالِاتِّحَادِ كُفْرٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَخْرَجَهُمْ مِنْ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ إِلَى نُورِ الْإِسْلَامِ وَثَالِثَتُهَا: أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي كُلِّ كَافِرٍ أَسْلَمَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يُحْمَلَ اللَّفْظُ عَلَى كُلَّ مَنْ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ/ الْإِيمَانُ بَعْدَ الْكُفْرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي الظُّلُمَاتِ الْبَتَّةَ، وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ: الْقُرْآنُ وَالْخَبَرُ وَالْعُرْفُ، أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها [آلِ عِمْرَانَ: 103] وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ مَا كَانُوا قَطُّ فِي النَّارِ وَقَالَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ [يُونُسَ:
98] وَلَمْ يَكُنْ نَزَلَ بِهِمْ عَذَابٌ الْبَتَّةَ، وَقَالَ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [يُوسُفَ: 37] وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا قَطُّ، وَقَالَ: وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ [النَّحْلِ: 70] وَمَا كَانُوا فِيهِ قَطُّ، وَأَمَّا الْخَبَرُ
فَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ إِنْسَانًا قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَلَمَّا قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ خَرَجَ مِنَ النَّارِ،
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَا كَانَ فِيهَا،
وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: تَتَهَافَتُونَ فِي النَّارِ تَهَافُتَ الْجَرَادِ، وَهَا أَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ،
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ مَا كَانُوا مُتَهَافِتِينَ فِي النَّارِ، وَأَمَّا الْعُرْفُ فَهُوَ أَنَّ الْأَبَ إِذَا أَنْفَقَ كُلَّ مَالِهِ فَالِابْنُ قَدْ يَقُولُ لَهُ: أَخْرَجْتَنِي مِنْ مَالِكَ أَيْ لَمْ تَجْعَلْ لِي فِيهِ شَيْئًا، لَا أَنَّهُ كَانَ فِيهِ ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهُ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ خَلَا عَنْ تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى لَوَقَعَ فِي الظُّلُمَاتِ. فَصَارَ تَوْفِيقُهُ تَعَالَى سَبَبًا لِدَفْعِ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ عَنْهُ، وَبَيْنَ الدَّفْعِ والرفع مشابهة، فهذا الطَّرِيقِ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْإِخْرَاجِ وَالْإِبْعَادِ فِي مَعْنَى الدَّفْعِ وَالرَّفْعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ قَرَأَ الْحَسَنُ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّوَاغِيتُ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَهُ يُخْرِجُونَهُمْ إِلَّا أَنَّهُ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِلْمُصْحَفِ وَأَيْضًا قَدْ بَيَّنَّا فِي اشْتِقَاقِ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّهُ مُفْرَدٌ لَا جَمْعٌ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست