responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 175
يُقَالُ أَسَلَمْتُ الشَّيْءَ لِفُلَانٍ أَيْ أَخْلَصْتُهُ لَهُ، وَلَمْ يُشَارِكْهُ غَيْرُهُ قَالَ: وَيَعْنِي بِالْوَجْهِ هَاهُنَا العمل كقوله يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الكهف: 28] أَيْ عِبَادَتَهُ، وَيُقَالُ: هَذَا وَجْهُ الْأَمْرِ أَيْ خَالِصُ الْأَمْرِ وَإِذَا قَصَدَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ لِحَاجَةٍ يَقُولُ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ إِلَيْكَ، وَيُقَالُ لِلْمُنْهَمِكِ فِي الشَّيْءِ الَّذِي لَا يَرْجِعُ عَنْهُ: مَرَّ عَلَى وَجْهِهِ الثَّانِي: أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ أَيْ أَسَلَمْتُ وَجْهَ عَمَلِي لِلَّهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَا يَصْدُرُ مِنِّي مِنَ الْأَعْمَالِ فَالْوَجْهُ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا هُوَ عُبُودِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى وَالِانْقِيَادُ لِإِلَهِيَّتِهِ وَحُكْمِهِ الثَّالِثُ: أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ أَيْ أَسْلَمْتُ نَفَسِي لِلَّهِ وَلَيْسَ فِي الْعِبَادَةِ مَقَامٌ أَعْلَى مِنْ إِسْلَامِ النَّفْسِ لِلَّهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عِبَادَتِهِ، عَادِلٌ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَمَنِ اتَّبَعَنِ فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: حَذَفَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ، الْيَاءَ مِنِ اتَّبَعَنِ اجْتِزَاءً بِالْكَسْرِ وَاتِّبَاعًا لِلْمُصْحَفِ، وَأَثْبَتَهُ الْآخَرُونَ عَلَى الْأَصْلِ:
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَنِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى التَّاءِ فِي قَوْلِهِ أَسْلَمْتُ أي ومعنى اتَّبَعَنِي أَسْلَمَ أَيْضًا.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ قَالَ أَسْلَمْتُ وَمَنِ اتَّبَعَنِ، وَلَمْ يَقُلْ: أَسْلَمْتُ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِ.
قُلْنَا: إِنَّ الْكَلَامَ طَالَ بِقَوْلِهِ وَجْهِيَ لِلَّهِ فَصَارَ عِوَضًا مِنْ تَأْكِيدِ الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلِ، وَلَوْ قِيلَ أَسْلَمْتُ وَزَيْدٌ لَمْ يَحْسُنْ حَتَّى يُقَالَ: أَسْلَمْتُ أَنَا وَزَيْدٌ وَلَوْ قَالَ أَسْلَمْتُ الْيَوْمَ بِانْشِرَاحِ صَدْرٍ، وَمَنْ جَاءَ مَعِي جَازَ وَحَسُنَ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَذِهِ الْآيَةُ مُتَنَاوِلَةٌ لِجَمِيعِ الْمُخَالِفِينَ لِدِينِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، سَوَاءٌ كَانَ مُحِقًّا فِي تِلْكَ الدَّعْوَى كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، أَوْ كَانَ كَاذِبًا فِيهِ كَالْمَجُوسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِنَّمَا وَصَفَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ بِأَنَّهُمْ أُمِّيُّونَ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَدَّعُوا الْكِتَابَ الْإِلَهِيَّ وُصِفُوا بِأَنَّهُمْ أُمِّيُّونَ تَشْبِيهًا بِمَنْ لَا يَقْرَأُ وَلَا يَكْتُبُ وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ فَهَذِهِ كَانَتْ صِفَةَ عَامَّتِهِمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَكْتُبُ فَنَادِرٌ مِنْ بَيْنِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ حَاجُّوكَ عَامٌّ فِي كُلِّ الْكُفَّارِ، لِأَنَّهُ دَخَلَ كُلُّ مَنْ يَدَّعِي الكتاب تحت قوله لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَدَخَلَ مَنْ لَا كِتَابَ لَهُ تَحْتَ قَوْلِهِ الْأُمِّيِّينَ.
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَأَسْلَمْتُمْ فَهُوَ اسْتِفْهَامٌ فِي مَعْرِضِ التَّقْرِيرِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْأَمْرُ قَالَ النَّحْوِيُّونَ: إِنَّمَا جَاءَ بِالْأَمْرِ فِي صُورَةِ الِاسْتِفْهَامِ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي طَلَبِ الْفِعْلِ وَالِاسْتِدْعَاءِ إِلَيْهِ إِلَّا أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ مَعْنَى الْأَمْرِ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ فَائِدَةٌ زَائِدَةٌ، وَهِيَ التَّعْبِيرُ بِكَوْنِ الْمُخَاطَبِ مُعَانِدًا بَعِيدًا عَنِ الْإِنْصَافِ، لِأَنَّ الْمُنْصِفَ إِذَا ظَهَرَتْ لَهُ الْحُجَّةُ لَمْ يَتَوَقَّفْ بَلْ فِي الْحَالِ يَقْبَلُ وَنَظِيرُهُ قَوْلُكَ لِمَنْ لَخَّصْتَ لَهُ الْمَسْأَلَةَ فِي غَايَةِ التَّلْخِيصِ وَالْكَشْفِ وَالْبَيَانِ هَلْ فَهِمْتَهَا؟ فَإِنَّ فِيهِ الْإِشَارَةَ إِلَى كَوْنِ الْمُخَاطَبِ بَلِيدًا قَلِيلَ الْفَهْمِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَةِ الْخَمْرِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [الْمَائِدَةِ: 91] وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّقَاعُدِ عَنِ الِانْتِهَاءِ وَالْحِرْصِ الشَّدِيدِ عَلَى تَعَاطِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الْإِسْلَامَ تَمَسُّكٌ بِمَا هَدَى إِلَيْهِ، وَالْمُتَمَسِّكُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 175
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست