responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 146
الْمَجَازَاتِ، وَفِي الْمَجَازَاتِ كَثْرَةٌ وَتَرْجِيحُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتَّرْجِيحَاتِ اللُّغَوِيَّةِ، وَأَنَّهَا لَا تُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ الضَّعِيفَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِنَ الْمَسَائِلِ الظَّنِّيَّةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ فِيهَا بِالدَّلَائِلِ الظَّنِّيَّةِ بَاطِلًا، وَأَيْضًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى [طه: 5] دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْإِلَهُ فِي الْمَكَانِ، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ مَا أَشْعَرَ بِهِ ظَاهِرُهَا، إِلَّا أَنَّ فِي مَجَازَاتِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ كَثْرَةٌ فَصَرْفُ اللَّفْظِ إِلَى الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتَّرْجِيحَاتِ اللُّغَوِيَّةِ الظَّنِّيَّةِ، وَالْقَوْلُ بِالظَّنِّ فِي/ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ غَيْرُ جَائِزٍ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذِهِ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْقَلْبُ الْخَالِي عَنِ التَّعَصُّبِ يَمِيلُ إِلَيْهِ، وَالْفِطْرَةُ الْأَصْلِيَّةُ تَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: وَهُوَ أَنَّ مَا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ طَلَبَ تَأْوِيلِ الْمُتَشَابِهِ مَذْمُومٌ، حَيْثُ قَالَ: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَلَوْ كَانَ طَلَبُ تَأْوِيلِ الْمُتَشَابِهِ جَائِزًا لَمَا ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ طَلَبَ وَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ، كَمَا فِي قوله يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها، قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي [الْأَعْرَافِ: 178] وَأَيْضًا طَلَبَ مَقَادِيرِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَطَلَبَ ظُهُورِ الْفَتْحِ وَالنُّصْرَةِ كَمَا قَالُوا لَوْ مَا تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ [الْحِجْرِ: 7] .
قُلْنَا: إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَسَّمَ الْكِتَابَ إِلَى قِسْمَيْنِ مُحْكَمٍ وَمُتَشَابِهٍ، وَدَلَّ الْعَقْلُ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ حَمْلَ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَاهُ الرَّاجِحِ هُوَ الْمُحْكَمُ، وَحَمْلَهُ عَلَى مَعْنَاهُ الَّذِي لَيْسَ بِرَاجِحٍ هُوَ الْمُتَشَابِهُ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى ذَمَّ طَرِيقَةَ مَنْ طَلَبَ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ كَانَ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِبَعْضِ الْمُتَشَابِهَاتِ دُونَ الْبَعْضِ تَرْكًا لِلظَّاهِرِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ اللَّهَ مَدَحَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ، وَقَالَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ فَهَؤُلَاءِ الرَّاسِخُونَ لَوْ كَانُوا عَالِمِينَ بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ الْمُتَشَابِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ لِمَا كَانَ لَهُمْ فِي الْإِيمَانِ بِهِ مَدْحٌ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ عَرَفَ شَيْئًا عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يُؤْمِنَ بِهِ، إِنَّمَا الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ عَلِمُوا بِالدَّلَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ بِالْمَعْلُومَاتِ الَّتِي لَا نِهَايَةَ لَهَا، وَعَلِمُوا أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلِمُوا أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ بِالْبَاطِلِ وَالْعَبَثِ، فَإِذَا سَمِعُوا آيَةً وَدَلَّتِ الدَّلَائِلُ الْقَطْعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُهَا مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ مُرَادُهُ مِنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ الظَّاهِرِ، ثُمَّ فَوَّضُوا تَعْيِينَ ذَلِكَ الْمُرَادِ إِلَى عِلْمِهِ، وَقَطَعُوا بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَيَّ شَيْءٍ كَانَ فَهُوَ الْحَقُّ وَالصَّوَابُ، فَهَؤُلَاءِ هُمُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ بِاللَّهِ حَيْثُ لَمْ يُزَعْزِعْهُمْ قَطْعُهُمْ بِتَرْكِ الظَّاهِرِ، وَلَا عَدَمُ عِلْمِهِمْ بِالْمُرَادِ عَلَى التَّعْيِينِ عَنِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْجَزْمِ بِصِحَّةِ الْقُرْآنِ.
الْحُجَّةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ كَانَ قَوْلُهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ إِلَّا اللَّهُ لَصَارَ قَوْلُهُ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ابْتِدَاءً، وَأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ ذَوْقِ الْفَصَاحَةِ، بَلْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: وَهُمْ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ، أَوْ يُقَالَ: وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فِي تَصْحِيحِهِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ يَقُولُونَ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ، وَالتَّقْدِيرُ: هَؤُلَاءِ الْعَالِمُونَ بِالتَّأْوِيلِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ يَقُولُونَ حَالًا مِنَ الرَّاسِخِينَ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست