responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 140
هَذَا لَا يَجُوزُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي الْمَسَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ، بَلْ يَجُوزُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي الْمَسَائِلِ الْفَقِهِيَّةِ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ صَرْفَ اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ الرَّاجِحِ إِلَى مَعْنَاهُ الْمَرْجُوحِ فِي الْمَسَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ لَا يَجُوزُ إِلَّا عِنْدَ قِيَامِ الدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ الْعَقْلِيِّ عَلَى أَنَّ مَا أَشْعَرَ بِهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ مُحَالٌ، وَقَدْ عَلِمْنَا فِي الْجُمْلَةِ أَنَّ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ الْمَرْجُوحِ جَائِزٌ عِنْدَ تَعَذُّرِ حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَعِنْدَ هَذَا يَتَعَيَّنُ/ التَّأْوِيلُ، فَظَهَرَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ الرَّاجِحِ إِلَى مَعْنَاهُ الْمَرْجُوحِ إِلَّا بِوَاسِطَةِ إِقَامَةِ الدَّلَالَةِ الْعَقْلِيَّةِ الْقَاطِعَةِ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ الرَّاجِحَ مُحَالٌ عَقْلًا ثُمَّ إِذَا أَقَامَتْ هَذِهِ الدَّلَالَةُ وَعَرَفَ الْمُكَلَّفُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذَا اللَّفْظِ مَا أَشْعَرَ بِهِ ظَاهِرُهُ، فَعِنْدَ هَذَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَرْجُوحَ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ مَاذَا لِأَنَّ السَّبِيلَ إِلَى ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بِتَرْجِيحِ مَجَازٍ عَلَى مَجَازٍ وَتَرْجِيحِ تَأْوِيلٍ عَلَى تَأْوِيلٍ، وَذَلِكَ التَّرْجِيحُ لَا يُمْكِنُ إِلَّا بِالدَّلَائِلِ اللَّفْظِيَّةِ وَالدَّلَائِلُ اللَّفْظِيَّةُ عَلَى مَا بَيَّنَّا ظَنِّيَّةٌ لَا سِيَّمَا الدَّلَائِلَ الْمُسْتَعْمَلَةَ فِي تَرْجِيحِ مَرْجُوحٍ عَلَى مَرْجُوحٍ آخَرَ يَكُونُ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، وَكُلُّ هَذَا لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ الضَّعِيفَ وَالتَّعْوِيلُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الدَّلَائِلِ فِي الْمَسَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ مُحَالٌ فَلِهَذَا التحقيق المتين مذهباً أَنَّ بَعْدَ إِقَامَةِ الدَّلَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ عَلَى أَنَّ حَمْلَ اللَّفْظِ عَلَى الظَّاهِرِ مُحَالٌ لَا يَجُوزُ الْخَوْضُ فِي تَعْيِينِ التَّأْوِيلِ، فَهَذَا مُنْتَهَى مَا حَصَّلْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَاللَّهُ وَلِيُّ الْهِدَايَةِ وَالرَّشَادِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي حِكَايَةِ أَقْوَالِ النَّاسِ فِي الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ فَالْأَوَّلُ: مَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: الْمُحْكَمَاتُ هِيَ الثَّلَاثُ آيَاتٍ الَّتِي فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ قُلْ تَعالَوْا [الْأَنْعَامِ: 151] إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ، وَالْمُتَشَابِهَاتُ هِيَ الَّتِي تَشَابَهَتْ عَلَى الْيَهُودِ، وهي أسماء حروف الهجاء المذكور فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَوَّلُوهَا عَلَى حِسَابِ الْجُمَّلِ فَطَلَبُوا أَنْ يَسْتَخْرِجُوا مِنْهَا مُدَّةَ بَقَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَاخْتَلَطَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ وَاشْتَبَهَ، وَأَقُولُ: التَّكَالِيفُ الْوَارِدَةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَغَيَّرَ بِشَرْعٍ وَشَرْعٍ، وَذَلِكَ كَالْأَمْرِ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالِاحْتِرَازِ عَنِ الظُّلْمِ وَالْكَذِبِ وَالْجَهْلِ وَقَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمِنْهَا مَا يَخْتَلِفُ بِشَرْعٍ وَشَرْعٍ كَأَعْدَادِ الصَّلَوَاتِ وَمَقَادِيرِ الزَّكَوَاتِ وَشَرَائِطِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُسَمَّى بِالْمُحْكَمِ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، لِأَنَّ الْآيَاتِ الثَّلَاثَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى هَذَا الْقِسْمِ.
وَأَمَّا الْمُتَشَابِهُ فَهُوَ الَّذِي سَمَّيْنَاهُ بِالْمُجْمَلِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ دَلَالَةَ اللَّفْظِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَإِلَى غَيْرِهِ عَلَى السَّوِيَّةِ، فَإِنَّ دَلَالَةَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى جَمِيعِ الْوُجُوهِ الَّتِي تُفَسِّرُ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ بِهَا عَلَى السَّوِيَّةِ لَا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ عَلَى مَا لَخَّصْنَاهُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَيْضًا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الْمُحْكَمَ هُوَ النَّاسِخُ، وَالْمُتَشَابِهُ هُوَ الْمَنْسُوخُ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: قَالَ الْأَصَمُّ: الْمُحْكَمُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ دَلِيلُهُ وَاضِحًا لَائِحًا، مِثْلَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ إنشاء الخلق في قوله تعالى: ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً [الْمُؤْمِنُونَ: 14] وَقَوْلِهِ وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [الْأَنْبِيَاءِ: 30] وَقَوْلِهِ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ [الْبَقَرَةِ: 22] وَالْمُتَشَابِهُ مَا يُحْتَاجُ فِي مَعْرِفَتِهِ إِلَى التَّدَبُّرِ وَالتَّأَمُّلِ نَحْوَ الْحُكْمِ بِأَنَّهُ تَعَالَى يَبْعَثُهُمْ بَعْدَ أَنْ صَارُوا تُرَابًا وَلَوْ تَأَمَّلُوا لَصَارَ الْمُتَشَابِهُ عِنْدَهُمْ مُحْكَمًا لِأَنَّ مَنْ قدر على الإنشاء أو لا قَدَرَ عَلَى الْإِعَادَةِ ثَانِيًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْأَصَمِّ غَيْرُ مُلَخَّصٍ، فَإِنَّهُ إِنْ عَنَى بِقَوْلِهِ: الْمُحْكَمُ مَا يَكُونُ دَلَائِلُهُ وَاضِحَةً أَنَّ الْمُحْكَمَ هو

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 140
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست