responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 125
وَفِي قَوْلِهِ أَنْتَ مَوْلانا فَائِدَةٌ أُخْرَى، وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ تَدُلُّ عَلَى نِهَايَةِ الْخُضُوعِ وَالتَّذَلُّلِ وَالِاعْتِرَافِ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِكُلِّ نِعْمَةٍ يَصِلُونَ إِلَيْهَا، وَهُوَ الْمُعْطِي لِكُلِّ مَكْرُمَةٍ يَفُوزُونَ بِهَا فَلَا جَرَمَ أَظْهَرُوا عِنْدَ الدُّعَاءِ أَنَّهُمْ فِي كَوْنِهِمْ مُتَكَلِّمِينَ عَلَى فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ بِمَنْزِلَةِ الطِّفْلِ الَّذِي لَا تَتِمُّ مَصْلَحَتُهُ إِلَّا بِتَدْبِيرِ قَيِّمِهِ، وَالْعَبْدِ الَّذِي لَا يَنْتَظِمُ شَمْلُ مُهِمَّاتِهِ إِلَّا بِإِصْلَاحِ مَوْلَاهُ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ قَيُّومُ السموات وَالْأَرْضِ، وَالْقَائِمُ بِإِصْلَاحِ مُهِمَّاتِ الْكُلِّ، وَهُوَ الْمُتَوَلِّي فِي الْحَقِيقَةِ لِلْكُلِّ، عَلَى مَا قَالَ: نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الْأَنْفَالِ: 40] وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا [الْبَقَرَةِ: 257] أَيْ نَاصِرُهُمْ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ [التَّحْرِيمِ: 4] أَيْ نَاصِرُهُ، وَقَوْلُهُ ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لَا مَوْلى لَهُمْ [مُحَمَّدٍ: 11] .
ثُمَّ قَالَ: فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ أَيِ انْصُرْنَا عَلَيْهِمْ فِي مُحَارَبَتِنَا مَعَهُمْ، وَفِي مُنَاظَرَتِنَا بِالْحُجَّةِ مَعَهُمْ، وَفِي إِعْلَاءِ دَوْلَةِ الْإِسْلَامِ عَلَى دَوْلَتِهِمْ عَلَى مَا قَالَ: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [التَّوْبَةِ: 33] وَمِنَ الْمُحَقِّقِينَ مَنْ قَالَ: فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ الْمُرَادُ مِنْهُ إِعَانَةُ اللَّهِ بِالْقُوَّةِ الرُّوحَانِيَّةِ الْمَلَكِيَّةِ عَلَى قَهْرِ الْقُوَى الْجُسْمَانِيَّةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى مَا سِوَى اللَّهِ، وَهَذَا آخِرُ السُّورَةِ.
وَرَوَى الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ أُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَكْرَمَكَ بِحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْكَ بِقَوْلِهِ آمَنَ الرَّسُولُ فَسَلْهُ وَارْغَبْ إِلَيْهِ، فَعَلَّمَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَيْفَ يَدْعُو، / فَقَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» فَقَالَ: لَا تُؤاخِذْنا فَقَالَ اللَّهُ: «لَا أُؤَاخِذُكُمْ» فَقَالَ: وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً فَقَالَ: «لَا أشدد عليكم» فقال محمد لا تُحَمِّلْنا مَا لَا طاقَةَ لَنا بِهِ فَقَالَ: «لَا أُحَمِّلُكُمْ ذَلِكَ» فَقَالَ مُحَمَّدٌ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «قَدْ عَفَوْتُ عَنْكُمْ وَغَفَرْتُ لَكُمْ وَرَحِمْتُكُمْ وَأَنْصُرُكُمْ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ» وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَذْكُرُ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ، وَالْمَلَائِكَةُ كَانُوا يَقُولُونَ آمِينَ.
وَهَذَا الْمِسْكِينُ الْبَائِسُ الْفَقِيرُ كَاتِبُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ يَقُولُ: إِلَهِي وَسَيِّدِي كُلُّ مَا طَلَبْتُهُ وَكَتَبْتُهُ مَا أَرَدْتُ بِهِ إِلَّا وَجْهَكَ وَمَرْضَاتَكَ، فَإِنْ أَصَبْتُ فَبِتَوْفِيقِكَ أَصَبْتُ فَاقْبَلْهُ مِنْ هَذَا الْمُكْدِي بِفَضْلِكَ وَإِنْ أَخْطَأْتُ فَتَجَاوَزْ عَنِّي بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا مَنْ لَا يُبْرِمُهُ إِلْحَاحُ الْمُلِحِّينَ، وَلَا يَشْغَلُهُ سُؤَالُ السَّائِلِينَ وَهَذَا آخِرُ الْكَلَامِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ والسورة الحمد لِلَّهِ ربِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست