responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 118
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: لَها مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ فِي اللُّغَةِ فَرْقٌ بَيْنَ الْكَسْبِ وَالِاكْتِسَابِ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
الصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْكَسْبَ وَالِاكْتِسَابَ وَاحِدٌ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَلْفَى أَبَاهُ بِذَاكَ الْكَسْبِ يَكْتَسِبُ
وَالْقُرْآنُ أَيْضًا نَاطِقٌ بِذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [الْمُدَّثِّرِ: 38] وَقَالَ: وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها [الْأَنْعَامِ: 164] وَقَالَ: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ
[الْبَقَرَةِ: 81] وَقَالَ: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا [الْأَحْزَابِ: 58] فَدَلَّ هَذَا عَلَى إِقَامَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ مَقَامَ الْآخَرِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ سَلَّمَ الْفَرْقَ، ثُمَّ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الِاكْتِسَابَ أَخَصُّ مِنَ الْكَسْبِ، لِأَنَّ الْكَسْبَ يَنْقَسِمُ إِلَى كَسْبِهِ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ، وَالِاكْتِسَابُ لَا يَكُونُ إِلَّا مَا يَكْتَسِبُ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً يُقَالُ فُلَانٌ كَاسِبٌ لِأَهْلِهِ، وَلَا يُقَالُ مُكْتَسِبٌ لِأَهْلِهِ وَالثَّانِي: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : إِنَّمَا خُصَّ الْخَيْرُ بِالْكَسْبِ، وَالشَّرُّ بِالِاكْتِسَابِ، لِأَنَّ الِاكْتِسَابَ اعْتِمَالٌ، فَلَمَّا كَانَ الشَّرُّ مِمَّا تَشْتَهِيهِ النَّفْسُ، وَهِيَ مُنْجَذِبَةٌ إِلَيْهِ، وَأَمَّارَةٌ بِهِ كَانَتْ فِي تَحْصِيلِهِ أَعْمَلَ وَأَجَدَّ، فَجُعِلَتْ لِهَذَا الْمَعْنَى مُكْتَسِبَةً فِيهِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي بَابِ الْخَيْرِ وُصِفَتْ بِمَا لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الِاعْتِمَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمُعْتَزِلَةُ احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ بِإِيجَادِهِ وَتَكْوِينِهِ، قَالُوا لِأَنَّ الْآيَةَ صَرِيحَةٌ فِي إِضَافَةِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ إِلَيْهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِتَخْلِيقِ اللَّهِ تَعَالَى لَبَطَلَتْ هَذِهِ الْإِضَافَةُ وَيَجْرِي صُدُورُ أَفْعَالِهِ مِنْهُ مَجْرَى لَوْنِهِ وَطُولِهِ وَشَكْلِهِ وَسَائِرِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهَا الْبَتَّةَ وَالْكَلَامُ فِيهِ مَعْلُومٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ، قَالَ الْقَاضِي: لَوْ كَانَ خَالِقًا أَفْعَالَهُمْ فَمَا الْفَائِدَةُ فِي التَّكْلِيفِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ فِي أَنْ يَسْأَلُوهُ أَنْ لَا يُثْقِلَ عَلَيْهِمْ وَالثَّقِيلُ عَلَى قَوْلِهِمْ كَالْخَفِيفِ فِي أَنَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُهُ فِيهِمْ وَلَيْسَ يَلْحَقُهُمْ بِهِ نَصَبٌ وَلَا لُغُوبٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى فَسَادِ الْقَوْلِ بِالْمُحَابَطَةِ قَالُوا: لِأَنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَ كِلَا الْأَمْرَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْجَمْعِ، فَبَيَّنَ أَنَّ لَهَا ثَوَابَ مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا عِقَابَ مَا اكْتَسَبَتْ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذَيْنِ الِاسْتِحْقَاقَيْنِ يَجْتَمِعَانِ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ طَرَيَانِ أَحَدِهِمَا زَوَالُ الْآخَرِ، قَالَ الْجُبَّائِيُّ: ظَاهِرُ الْآيَةِ وَإِنْ دَلَّ عَلَى الْإِطْلَاقِ إِلَّا أَنَّهُ مَشْرُوطٌ وَالتَّقْدِيرُ: لَهَا مَا كَسَبَتْ مِنْ ثَوَابِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ إِذَا لَمْ تُبْطِلْهُ، وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ مِنَ الْعِقَابِ إِذَا لَمْ تُكَفِّرْهُ بِالتَّوْبَةِ، وَإِنَّمَا صِرْنَا إِلَى إِضْمَارِ هَذَا/ الشَّرْطِ لَمَّا بَيَّنَّا أَنَّ الثَّوَابَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَنْفَعَةً خَالِصَةً دَائِمَةً وَأَنَّ الْعِقَابَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَضَرَّةً خَالِصَةً دَائِمَةً، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُحَالٌ فِي الْعُقُولِ، فَكَانَ الْجَمْعُ بَيْنَ اسْتِحْقَاقَيْهِمَا أَيْضًا مُحَالًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَرَّ عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى [الْبَقَرَةِ: 264] فَلَا نُعِيدُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: احْتَجَّ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ الْأَطْفَالَ بِذُنُوبِ آبَائِهِمْ، وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ ظَاهِرٌ فِيهِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى [الْأَنْعَامِ: 164] .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: الْفُقَهَاءُ تَمَسَّكُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي إِثْبَاتِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِمْسَاكِ الْبَقَاءُ وَالِاسْتِمْرَارُ، لِأَنَّ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 118
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست