responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 343
وَاعْلَمْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَالُوا: إِنَّمَا يَجُوزُ التَّعَجُّلُ فِي الْيَوْمَيْنِ لِمَنْ تَعَجَّلَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمَيْنِ فَأَمَّا إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي قَبْلَ النَّفْرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفُرَ إِلَّا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لِأَنَّ الشَّمْسَ إِذَا غَابَتْ فَقَدْ ذَهَبَ الْيَوْمُ، وَإِنَّمَا جُعِلَ لَهُ التَّعَجُّلُ فِي الْيَوْمَيْنِ لَا فِي الثَّالِثِ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَقَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْفُرَ مَا لَمْ يَطْلُعِ الْفَجْرَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتَ الرَّمْيِ بَعْدُ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: لِمَنِ اتَّقى فَفِيهِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: أَنَّ الْحَاجَّ يَرْجِعُ مَغْفُورًا لَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ وَلَمْ يَرْتَكِبْ مَا يَسْتَوْجِبُ بِهِ الْعَذَابَ، وَمَعْنَاهُ التَّحْذِيرُ مِنَ الِاتِّكَالِ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ عَلَيْهِمْ مَعَ ذَلِكَ مُلَازَمَةَ التَّقْوَى وَمُجَانَبَةَ الِاغْتِرَارِ بِالْحَجِّ السَّابِقِ وَثَانِيهَا: أَنَّ هَذِهِ الْمَغْفِرَةَ إِنَّمَا تَحْصُلُ لِمَنْ كَانَ مُتَّقِيًا قَبْلَ حَجِّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [الْمَائِدَةِ: 27] وَحَقِيقَتُهُ أَنَّ الْمُصِرَّ عَلَى الذَّنْبِ لَا يَنْفَعُهُ حَجُّهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَدَّى الْفَرْضَ فِي الظَّاهِرِ وَثَالِثُهَا: أَنَّ هَذِهِ الْمَغْفِرَةَ إِنَّمَا تَحْصُلُ لِمَنْ كَانَ مُتَّقِيًا عَنْ جَمِيعِ الْمَحْظُورَاتِ حَالَ اشْتِغَالِهِ بِالْحَجِّ، كَمَا
رُوِيَ فِي الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ»
وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا إِشَارَةٌ إِلَى اعْتِبَارِهِ فِي الْحَالِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْكُلِّ وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: لِمَنِ اتَّقى مَا يَلْزَمُهُ التَّوَقِّي فِي الْحَجِّ عَنْهُ مَنْ قَتْلِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَجْتَنِبْ ذَلِكَ صَارَ مَأْثُومًا، وَرُبَّمَا صَارَ عَمَلُهُ مُحْبَطًا، وَهَذَا ضَعِيفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِلَّفْظِ الْمُطْلَقِ/ بِغَيْرِ دَلِيلٍ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا لَا يَصِحَّ إِلَّا إِذَا حُمِلَ عَلَى مَا قَبْلَ هَذِهِ الْأَيَّامِ، لِأَنَّهُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ إِذَا رَمَى وَطَافَ وَحَلَقَ، فَقَدْ تَحَلَّلَ قَبْلَ رَمْيِ الْجِمَارِ فَلَا يَلْزَمُهُ اتِّقَاءُ الصَّيْدِ إِلَّا فِي الْحَرَمِ، لَكِنَّ ذَاكَ لَيْسَ لِلْإِحْرَامِ، لَكِنَّ اللَّفْظَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ هَذَا الِاتِّقَاءَ مُعْتَبَرٌ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، فَسَقَطَ هَذَا الْوَجْهُ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاتَّقُوا اللَّهَ فَهُوَ أَمْرٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ: لِمَنِ اتَّقى الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْمَاضِي فَلَيْسَ ذَلِكَ بِتَكْرَارٍ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ التَّقْوَى عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمُحْرَّمَاتِ.
فَأَمَّا قَوْلُهُ: وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِلْأَمْرِ بِالتَّقْوَى، وَبَعْثٌ عَلَى التَّشْدِيدِ فِيهِ، لِأَنَّ مَنْ تَصَوَّرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَشْرٍ وَمُحَاسَبَةٍ وَمُسَاءَلَةٍ، وَأَنَّ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا دَارَ إِلَّا الْجَنَّةُ أَوِ النَّارُ، صَارَ ذَلِكَ مِنْ أَقْوَى الدَّوَاعِي لَهُ إِلَى التَّقْوَى، وَأَمَّا الْحَشْرُ فَهُوَ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى ابْتِدَاءِ خُرُوجِهِمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى انْتِهَاءِ الْمَوْقِفِ، لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ كَوْنُهُمْ هُنَاكَ إِلَّا بِجَمِيعِ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: إِلَيْهِ أَنَّهُ حَيْثُ لَا مَالِكَ سِوَاهُ وَلَا مَلْجَأَ إِلَّا إِيَّاهُ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الإنفطار:
19] .

[سورة البقرة (2) : الآيات 204 الى 206]
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ (204) وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسادَ (205) وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (206)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ مَشَاعِرَ الْحَجِّ فَرِيقَانِ: كَافِرٌ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَمُسْلِمٌ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً [الْبَقَرَةِ: 201] بَقِيَ الْمُنَافِقُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 343
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست