responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 335
ذِكْراً
وَسَادِسُهَا: أَنَّ الطِّفْلَ كَمَا يَرْجِعُ إِلَى أبيه في طلب جميع المهمات ويكون ذكرا لَهُ بِالتَّعْظِيمِ، فَكُونُوا أَنْتُمْ فِي ذِكْرِ اللَّهِ كَذَلِكَ وَسَابِعُهَا: يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَذْكُرُونَ آبَاءَهُمْ لِيَتَوَسَّلُوا بِذِكْرِهِمْ إِلَى إِجَابَةِ الدُّعَاءِ عِنْدَ اللَّهِ فَعَرَّفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ آبَاءَهُمْ لَيْسُوا فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ إِذْ أَفْعَالُهُمُ الْحَسَنَةُ صَارَتْ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ بِسَبَبِ شِرْكِهِمْ وَأُمِرُوا أَنْ يَجْعَلُوا بَدَلَ ذَلِكَ تَعْدِيدَ آلَاءِ اللَّهِ وَنَعْمَائِهِ وَتَكْثِيرَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ وَسِيلَةً إِلَى تَوَاتُرِ النِّعَمِ فِي الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنْ يَحْلِفُوا بِآبَائِهِمْ
فَقَالَ: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ»
إِذَا كَانَ مَا سِوَى اللَّهِ فَإِنَّمَا هُوَ لِلَّهِ وَبِاللَّهِ فَالْأَوْلَى تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا إِلَهَ غَيْرَهُ وَثَامِنُهَا: رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: هُوَ أَنْ تَغْضَبَ لِلَّهِ إِذَا عُصِيَ أَشَدَّ مِنْ غَضَبِكَ لِوَالِدِكَ إِذَا ذُكِرَ بِسُوءٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ وَإِنْ كَانَتْ مُحْتَمَلَةً إِلَّا أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَجَمِيعُ الْوُجُوهِ مُشْتَرِكَةٌ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَكُونَ دَائِمَ الذِّكْرِ لِرَبِّهِ دَائِمَ التَّعْظِيمِ لَهُ دَائِمَ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ/ فِي طَلَبِ مُهِمَّاتِهِ دَائِمَ الِانْقِطَاعِ عَمَّنْ سِوَاهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: عَامِلُ الْإِعْرَابِ فِي أَشَدَّ قيل: الكاف، فيكون موضعه جرا وقيل: فَاذْكُرُوا فَيَكُونُ مَوْضِعُهُ نَصْبًا، وَالتَّقْدِيرُ: اذْكُرُوا اللَّهَ مِثْلَ ذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ، وَاذْكُرُوهُ أَشَدَّ ذِكْراً مِنْ آبَائِكُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً مَعْنَاهُ: بَلْ أَشَدُّ ذِكْرًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَفَاخِرَ آبَائِهِمْ كَانَتْ قَلِيلَةً، أَمَّا صِفَاتُ الْكَمَالِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ اشْتِغَالُهُمْ بِذِكْرِ صِفَاتِ الْكَمَالِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَشَدَّ مِنِ اشْتِغَالِهِمْ بِذِكْرِ مَفَاخِرِ آبَائِهِمْ، قَالَ الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَمَجَازُ اللُّغَةِ فِي مِثْلِ هَذَا مَعْرُوفٌ، يَقُولُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ: افْعَلْ هَذَا إِلَى شَهْرٍ أَوْ أَسْرَعَ مِنْهُ، لَا يُرِيدُ بِهِ التَّشْكِيكَ، إِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ النَّقْلَ عَنِ الْأَوَّلِ إِلَى مَا هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ.

[سورة البقرة (2) : الآيات 201 الى 202]
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (201) أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (202)
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَيَّنَ أَوَّلًا تَفْصِيلَ مَنَاسِكِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَمَرَ بَعْدَهَا بِالذِّكْرِ، فَقَالَ: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ [البقرة: 198] ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُتْرَكَ ذِكْرُ غَيْرِهِ، وَأَنْ يُقْتَصُرَ عَلَى ذِكْرِهِ فَقَالَ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ثُمَّ بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ الذِّكْرِ كَيْفِيَّةَ الدُّعَاءِ فَقَالَ: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَمَا أَحْسَنَ هَذَا التَّرْتِيبَ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْعِبَادَةِ لِكَسْرِ النَّفْسِ وَإِزَالَةِ ظُلُمَاتِهَا، ثُمَّ بَعْدَ الْعِبَادَةِ لَا بُدَّ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى لِتَنْوِيرِ الْقَلْبِ وَتَجَلِّي نُورِ جَلَالِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الذِّكْرِ يَشْتَغِلُ الرَّجُلُ بِالدُّعَاءِ فَإِنَّ الدُّعَاءَ إِنَّمَا يَكْمُلُ إِذَا كَانَ مَسْبُوقًا بِالذِّكْرِ كَمَا حُكِيَ عَنْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست