responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 74
تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما أَيْ فِرَاقَ بَيْنِهِمَا فِي الِاخْتِلَافِ حَتَّى يَشُقَّ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ أَيْ إِنْ تَرَكُوا مِثْلَ هَذَا الْإِيمَانِ فَقَدِ الْتَزَمُوا الْمُنَاقَضَةَ وَالْعَاقِلُ لَا يَلْتَزِمُ الْمُنَاقَضَةَ الْبَتَّةَ فَحَيْثُ الْتَزَمُوهَا عَلِمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ غَرَضُهُمْ طَلَبَ الدِّينِ/ وَالِانْقِيَادَ للحق وَإِنَّمَا غَرَضُهُمُ الْمُنَازَعَةُ وَإِظْهَارُ الْعَدَاوَةِ ثُمَّ لِلْمُفَسِّرِينَ عِبَارَاتٌ. أَوَّلُهَا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فِي خِلَافٍ مُذْ فَارَقُوا الْحَقَّ وَتَمَسَّكُوا بِالْبَاطِلِ فَصَارُوا مُخَالِفِينَ لِلَّهِ. وَثَانِيهَا: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَمُقَاتِلٌ فِي شِقَاقٍ. أَيْ فِي ضَلَالٍ. وَثَالِثُهَا: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي مُنَازَعَةٍ وَمُحَارَبَةٍ. وَرَابِعُهَا: قَالَ الْحَسَنُ فِي عَدَاوَةٍ قَالَ الْقَاضِي:
وَلَا يَكَادُ يُقَالُ فِي الْمُعَادَاةِ عَلَى وَجْهِ الْحَقِّ أَوِ الْمُخَالَفَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ مَعْصِيَةً إِنَّهُ شِقَاقٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي مُخَالَفَةٍ عَظِيمَةٍ تُوقِعُ صَاحِبَهَا فِي عَدَاوَةِ اللَّهِ وَغَضَبِهِ وَلَعْنِهِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ النَّارِ فَصَارَ هَذَا الْقَوْلُ وَعِيدًا مِنْهُ تَعَالَى لَهُمْ وَصَارَ وَصْفُهُمْ بِذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ القوم معادون للرسول مضمرون له السؤال مُتَرَصِّدُونَ لِإِيقَاعِهِ فِي الْمِحَنِ، فَعِنْدَ هَذَا آمَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كَيْدِهِمْ وَآمَنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ شرهم ومكرهم فقال: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ تقوية لقبه وَقَلْبِ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِذَا تَكَفَّلَ بِالْكِفَايَةِ فِي أَمْرٍ حَصَلَتِ الثِّقَةُ بِهِ قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ: هَذَا إِخْبَارٌ عَنِ الْغَيْبِ فَيَكُونُ مُعْجِزًا دَالًّا عَلَى صِدْقِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُ إِخْبَارٌ عَنِ الْغَيْبِ وَذَلِكَ لِأَنَّا وَجَدْنَا مُخْبِرَ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى كَفَاهُ شَرَّ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَنَصَرَهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى غَلَبَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَأَخَذُوا دِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فَصَارُوا أَذِلَّاءَ فِي أَيْدِيهِمْ يُؤَدُّونَ إِلَيْهِمُ الْخَرَاجَ وَالْجِزْيَةَ أَوْ لَا يَقْدِرُونَ الْبَتَّةَ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ مُعْجِزٌ لِأَنَّهُ الْمُتَخَرِّصُ لَا يُصِيبُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ، قَالَ الْمُلْحِدُونَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا مُعْجِزٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعْجِزَ هُوَ الَّذِي يَكُونُ نَاقِضًا لِلْعَادَةِ، وَقَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مُبْتَلًى بِإِيذَاءِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ: اصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ يَكْفِيكَ شَرَّهُ، ثُمَّ قَدْ يَقَعُ ذَلِكَ تَارَةً وَلَا يَقَعُ أُخْرَى، وَإِذَا كَانَ هَذَا مُعْتَادًا فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّهُ مُعْجِزٌ وَأَيْضًا لَعَلَّهُ تَوَصَّلَ إِلَى ذَلِكَ بِرُؤْيَا رَآهَا، وَذَلِكَ مِمَّا لَا سَبِيلَ إِلَى دَفْعِهِ، فَإِنَّ الْمُنَجِّمِينَ يَقُولُونَ: مَنْ كَانَ سَهْمُ الْغَيْبِ فِي طَالِعِهِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا. وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَيْسَ غَرَضُنَا مِنْ قَوْلِنَا أَنَّهُ مُعْجِزٌ أَنَّ هَذَا الْإِخْبَارَ وَحْدَهُ مُعْجِزٌ، بَلْ غَرَضُنَا أَنَّ الْقُرْآنَ يَشْتَمِلُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، وَالْإِخْبَارُ عَنِ الْأَشْيَاءِ الْكَثِيرَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ مِمَّا لَا يَتَأَتَّى مِنَ المتخرص الكاذب.
[في معنى وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ] ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا وَعَدَهُ بِالنُّصْرَةِ وَالْمَعُونَةِ أَتْبَعَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ تَعَالَى فَقَالَ: وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَفِيهِ وَجْهَانِ. الْأَوَّلُ: أَنَّهُ وَعِيدٌ لَهُمْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُدْرِكُ مَا يُضْمِرُونَ وَيَقُولُونَ وَهُوَ عَلِيمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَقَعَ مِنْهُمْ أَمْرٌ إِلَّا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى كِفَايَتِهِ إِيَّاهُمْ فِيهِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ وَعْدٌ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَعْنِي: يَسْمَعُ دُعَاءَكَ وَيَعْلَمُ نِيَّتَكَ وَهُوَ يَسْتَجِيبُ لَكَ وَيُوصِلُكَ إِلَى مُرَادِكَ، وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ عَلَى أَنَّ سَمْعَهُ تَعَالَى زَائِدٌ عَلَى عِلْمِهِ بِالْمَسْمُوعَاتِ لِأَنَّ قَوْلَهُ:
«عَلِيمٌ» بِنَاءُ مُبَالَغَةٍ فَيَتَنَاوَلُ كَوْنَهُ عَالِمًا بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، فَلَوْ كَانَ كَوْنُهُ سَمِيعًا عِبَارَةً عَنْ عِلْمِهِ بِالْمَسْمُوعَاتِ لَزِمَ التَّكْرَارُ وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ صِفَةُ كَوْنِهِ تَعَالَى سَمِيعًا أَمْرًا زَائِدًا عَلَى وَصْفِهِ بِكَوْنِهِ عَلِيمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
أَمَّا قَوْلُهُ: بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَفِيهِ إِشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ الَّذِي آمَنَ بِهِ المؤمنون ليس له مثل، وجوابه.

[سورة البقرة (2) : آية 138]
صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (138)

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 74
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست