responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 68
أَوَّلُهَا: أَنَّهُ قَرَأَ أُبَيٌّ: وَإِلَهَ إِبْرَاهِيمَ بِطَرْحِ آبَائِكَ إِلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَقْدَحُ فِي الغرض لأن القراءة الشاذة لا ترفع الْقِرَاءَةَ الْمُتَوَاتِرَةَ، بَلِ الْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ أَطْلَقَ لَفْظَ الْأَبِ عَلَى الْجَدِّ وَعَلَى الْعَمِّ
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الْعَبَّاسِ: «هَذَا بَقِيَّةُ آبَائِي»
وَقَالَ: «رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي»
فَدَلَّنَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَهُ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، والدليل عليه ما قدمناه أَنَّهُ يَصِحُّ نَفْيُ اسْمِ الْأَبِ عَنِ الْجَدِّ، وَلَوْ كَانَ حَقِيقَةً لَمَا كَانَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّمَا أَطْلَقَ الِاسْمَ عَلَيْهِ نظراً إلى الحكم الشرعي لَا إِلَى الِاسْمِ اللُّغَوِيِّ لِأَنَّ اللُّغَاتِ لَا يَقَعُ الْخِلَافُ فِيهَا بَيْنَ أَرْبَابِ اللِّسَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلهاً واحِداً فَهُوَ بدل إِلهَ آبائِكَ كَقَوْلِهِ: بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ [الْعَلَقِ: 15، 16] أَوْ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، أَيْ تُرِيدُ بِإِلَهِ آبَائِكَ إِلَهًا وَاحِدًا، أَمَّا قَوْلُهُ: وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَفِيهِ وُجُوهٌ. أَحَدُهَا: / أَنَّهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ نَعْبُدُ أَوْ مِنْ مَفْعُولِهِ لِرُجُوعِ الْهَاءِ إِلَيْهِ فِي لَهُ. وَثَانِيهَا: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةً مَعْطُوفَةً عَلَى نَعْبُدُ. وَثَالِثُهَا: أَنْ تَكُونَ جُمْلَةً اعْتِرَاضِيَّةً مُؤَكِّدَةً، أَيْ وَمِنْ حَالِنَا أَنَّا لَهُ مُسْلِمُونَ مُخْلِصُونَ لِلتَّوْحِيدِ أَوْ مُذْعِنُونَ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى مَنْ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ وَبَنُوهُ الْمُوَحِّدُونَ. والأمة الصِّنْفُ. خَلَتْ سَلَفَتْ وَمَضَتْ وَانْقَرَضَتْ، وَالْمَعْنَى أَنِّي اقْتَصَصْتُ عَلَيْكُمْ أَخْبَارَهُمْ وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْإِسْلَامِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ لَكُمْ نَفْعٌ فِي سِيرَتِهِمْ دُونَ أَنْ تَفْعَلُوا مَا فَعَلُوهُ، فَإِنْ أَنْتُمْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ انْتَفَعْتُمْ وَإِنْ أَبَيْتُمْ لَمْ تَنْتَفِعُوا بِأَفْعَالِهِمْ، وَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى بُطْلَانِ التَّقْلِيدِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَها مَا كَسَبَتْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَسْبَ كُلِّ أَحَدٍ يَخْتَصُّ بِهِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ، وَلَوْ كَانَ التَّقْلِيدُ جَائِزًا لَكَانَ كَسْبُ الْمَتْبُوعِ نَافِعًا لِلتَّابِعِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِنِّي مَا ذَكَرْتُ حِكَايَةَ أَحْوَالِهِمْ طَلَبًا مِنْكُمْ أَنْ تُقَلِّدُوهُمْ، وَلَكِنْ لِتُنَبَّهُوا عَلَى مَا يَلْزَمُكُمْ فَتَسْتَدِلُّوا وَتَعْلَمُوا أَنَّ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْمِلَّةِ هُوَ الْحَقُّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى تَرْغِيبِهِمْ فِي الْإِيمَانِ، وَاتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَتَحْذِيرِهِمْ مِنْ مُخَالَفَتِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْأَبْنَاءَ لَا يُثَابُونَ عَلَى طَاعَةِ الْآبَاءِ بِخِلَافِ قَوْلِ الْيَهُودِ مِنْ أَنَّ صَلَاحَ آبَائِهِمْ يَنْفَعُهُمْ، وَتَحْقِيقُهُ مَا
رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: «يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ مُحَمَّدٍ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، ائْتُونِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَعْمَالِكُمْ لَا بِأَنْسَابِكُمْ فَإِنِّي لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» .
وَقَالَ: «وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» .
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ [الْمُؤْمِنُونَ: 101] وَقَالَ تَعَالَى: لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ [النِّسَاءِ: 123] وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها، وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى [الْأَنْعَامِ: 164] وَقَالَ: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ [النُّورِ: 54] .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: الْأَبْنَاءُ يُعَذَّبُونَ بِكُفْرِ آبَائِهِمْ، وَكَانَ الْيَهُودُ يَقُولُونَ:
إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ لِكُفْرِ آبَائِهِمْ بِاتِّخَاذِ الْعِجْلِ. وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست