responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 66
أَمَّا قَوْلُهُ: مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي فَفِيهِ مسألتان:
المسألة الأولى: لفظة «مَا» لِغَيْرِ الْعُقَلَاءِ فَكَيْفَ أَطْلَقَهُ فِي الْمَعْبُودِ الْحَقِّ؟
وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ «مَا» عَامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَالْمَعْنَى أَيُّ شَيْءٍ تَعْبُدُونَ. وَالثَّانِي: قَوْلُهُ: مَا تَعْبُدُونَ كَقَوْلِكَ عِنْدَ طَلَبِ الْحَدِّ وَالرَّسْمِ: مَا الْإِنْسَانُ؟
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: مِنْ بَعْدِي أَمَّا قَوْلُهُ: قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَذِهِ الْآيَةُ تَمَسَّكَ بِهَا فَرِيقَانِ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ. الْأَوَّلُ: الْمُقَلِّدَةُ قَالُوا: إِنَّ أَبْنَاءَ يَعْقُوبَ اكْتَفَوْا بِالتَّقْلِيدِ، وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّقْلِيدَ كَافٍ. الثَّانِي: التَّعْلِيمِيَّةُ. قَالُوا: لَا طَرِيقَ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ إِلَّا بِتَعْلِيمِ الرَّسُولِ وَالْإِمَامِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا: نَعْبُدُ الْإِلَهَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ، بَلْ قالوا: نعبد الإله الذي أنت تعبده وآباءك يَعْبُدُونَهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ طَرِيقَ الْمَعْرِفَةِ هُوَ التَّعَلُّمُ.
وَالْجَوَابُ: كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ عَرَفُوا الْإِلَهَ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ، فَلَيْسَ فِيهَا أَيْضًا دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُمْ مَا أَقَرُّوا بِالْإِلَهِ إِلَّا عَلَى طَرِيقَةِ التَّقْلِيدِ وَالتَّعْلِيمِ، ثُمَّ إِنَّ الْقَوْلَ بِالتَّقْلِيدِ وَالتَّعْلِيمِ لَمَّا بَطَلَ بِالدَّلِيلِ عَلِمْنَا أَنَّ إِيمَانَ الْقَوْمِ مَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ بَلْ كَانَ حَاصِلًا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِدْلَالِ، أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُقَالَ: فَلِمَ لَمْ يَذْكُرُوا طَرِيقَةَ الِاسْتِدْلَالِ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ، أَوَّلُهَا: أَنَّ ذَلِكَ أَخْصَرُ فِي الْقَوْلِ مِنْ شَرْحِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى/ بِتَوْحِيدِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعَدْلِهِ. وَثَانِيهَا: أَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى سُكُونِ نَفْسِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فكأنهم قالوا: لسنا نجزي إِلَّا عَلَى مِثْلِ طَرِيقَتِكَ فَلَا خِلَافَ مِنَّا عَلَيْكَ فِيمَا نَعْبُدُهُ وَنُخْلِصُ الْعِبَادَةَ لَهُ. وَثَالِثُهَا: لَعَلَّ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى في أول هذه السورة في قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة: 21] وهاهنا مرادهم بقولهم: نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ أَيْ: نَعْبُدُ الْإِلَهَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ وُجُودُكَ وَوُجُودُ آبَائِكَ وَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ يَكُونُ ذَلِكَ إِشَارَةً إِلَى الِاسْتِدْلَالِ لَا إِلَى التَّقْلِيدِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الْقَفَّالُ: وَفِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ أَنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا دَخَلَ مِصْرَ رَأَى أَهْلَهَا يَعْبُدُونَ النِّيرَانَ وَالْأَوْثَانَ فَخَافَ عَلَى بَنِيهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَقَالَ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلَ تَحْرِيضًا لَهُمْ عَلَى التَّمَسُّكِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَحَكَى الْقَاضِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَمَعَهُمْ إِلَيْهِ عِنْدَ الْوَفَاةِ، وَهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ وَالنِّيرَانَ، فَقَالَ: يَا بَنِيَّ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي؟ قَالُوا: نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ
ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي: هَذَا بَعِيدٌ لِوَجْهَيْنِ.
الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ بَادَرُوا إِلَى الِاعْتِرَافِ بِالتَّوْحِيدِ مُبَادَرَةَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْهُ العلم واليقين. والثاني: أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ حَالَ الْأَسْبَاطِ مِنْ أَوْلَادِ يَعْقُوبَ وَأَنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا صَالِحِينَ وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِحَالِهِمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ عطف بيان لآبائك. قال الْقَفَّالُ: وَقِيلَ أَنَّهُ قَدَّمَ ذِكْرَ إِسْمَاعِيلَ عَلَى إِسْحَاقَ لِأَنَّ إِسْمَاعِيلَ كَانَ أَسَنَّ مِنْ إِسْحَاقَ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ لِلْأَبِ لَا يسقطون بالجد

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست