responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 34
مُقَدَّمٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى الْمَنْصُوبِ، فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ: وَإِذِ ابْتَلَى رَبُّهُ إِبْرَاهِيمَ، إِلَّا أَنَّ الْأَمْرَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى لَكِنْ لَمَّا لم يكن الضمير متقدماً في الفظ بَلْ كَانَ مُتَأَخِّرًا لَا جَرَمَ كَانَ جَائِزًا حَسَنًا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ إِبْرَاهَامَ بِأَلِفٍ بَيْنَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ، وَالْبَاقُونَ، (إِبْرَاهِيمَ) وَهُمَا لُغَتَانِ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو حَيْوَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِرَفْعِ إِبْرَاهِيمَ وَنَصْبِ رَبِّهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ دَعَاهُ بِكَلِمَاتٍ مِنَ الدُّعَاءِ فِعْلَ الْمُخْتَبِرِ هَلْ يُجِيبُهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِنَّ أَمْ لَا.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ هَلْ يَدُلُّ عَلَى تِلْكَ الْكَلِمَاتِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
اللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَيْهَا وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْإِمَامَةِ وَتَطْهِيرِ الْبَيْتِ وَرَفْعِ قَوَاعِدِهِ وَالدُّعَاءِ بِإِبْعَاثِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أُمُورٌ شَاقَّةٌ، أَمَّا الْإِمَامَةُ فَلِأَنَّ الْمُرَادَ منها هاهنا هُوَ النُّبُوَّةُ، وَهَذَا التَّكْلِيفُ يَتَضَمَّنُ مَشَاقَّ عَظِيمَةً، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْزَمُهُ أن يحتمل جَمِيعَ الْمَشَاقِّ وَالْمَتَاعِبِ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَأَنْ لَا يَخُونَ فِي أَدَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَوْ لَزِمَهُ الْقَتْلُ، بِسَبَبِ ذَلِكَ وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَشَاقِّ، وَلِهَذَا قُلْنَا: إِنَّ ثَوَابَ النَّبِيِّ أَعْظَمُ مِنْ ثَوَابِ غَيْرِهِ، وَأَمَّا بِنَاءُ الْبَيْتِ وَتَطْهِيرُهُ وَرَفْعُ قَوَاعِدِهِ، فَمَنْ وَقَفَ عَلَى مَا رُوِيَ فِي كَيْفِيَّةِ بِنَائِهِ عَرَفَ شِدَّةَ الْبَلْوَى فِيهِ، ثُمَّ إِنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِقَامَةَ الْمَنَاسِكِ، وَقَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالشَّيْطَانِ فِي الْمَوْقِفِ لِرَمْيِ الْجِمَارِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا اشْتِغَالُهُ بِالدُّعَاءِ فِي أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، فَهَذَا مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِزَالَةُ الْحَسَدِ عَنِ الْقَلْبِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْأُمُورَ الْمَذْكُورَةَ عَقِيبَ هَذِهِ الْآيَةِ: تَكَالِيفُ شَاقَّةٌ شَدِيدَةٌ، فَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنِ ابْتِلَاءِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ بِالْكَلِمَاتِ هُوَ ذَلِكَ، ثُمَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ أَنَّهُ عَقَّبَهُ بِذِكْرِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِحَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَقَالَ: إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا، بَلْ قَالَ: إِنِّي جاعِلُكَ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الِابْتِلَاءَ لَيْسَ إِلَّا التَّكْلِيفَ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ، وَاعْتَرَضَ الْقَاضِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَقَالَ: هَذَا إِنَّمَا يَجُوزُ لَوْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهَا إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا فَأَتَمَّهُنَّ، إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ ذَكَرَ قَوْلَهُ: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً بَعْدَ قَوْلِهِ: فَأَتَمَّهُنَّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى امْتَحَنَهُ بِالْكَلِمَاتِ وَأَتَمَّهَا إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ:
إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْكَلِمَاتِ الْإِمَامَةَ فَقَطْ، بَلِ الْإِمَامَةَ وَبِنَاءَ الْبَيْتِ وَتَطْهِيرَهُ وَالدُّعَاءَ فِي بِعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ابْتَلَاهُ بِمَجْمُوعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ ابْتَلَاهُ بِأُمُورٍ عَلَى الْإِجْمَالِ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ أَتَمَّهَا، ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ بِالشَّرْحِ وَالتَّفْصِيلِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يعد فِيهِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَهَذَا القول يحتمل وجهين، أحدهما:
بِكَلِمَاتٍ كَلَّفَهُ اللَّهُ بِهِنَّ، وَهِيَ أَوَامِرُهُ وَنَوَاهِيهِ فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ مِمَّا شَاءَ كَلَّفَهُ بِالْأَمْرِ بِهَا. وَالْوَجْهُ الثاني: بكلمات تكون من إبراهيم يلكم بِهَا قَوْمَهُ، أَيْ يُبَلِّغُهُمْ إِيَّاهَا، وَالْقَائِلُونَ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ ذَلِكَ التَّكْلِيفَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ عَلَى أَقْوَالٍ. أَحَدُهَا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ عَشْرُ خِصَالٍ كَانَتْ فَرْضًا فِي شَرْعِهِ وَهِيَ سُنَّةٌ فِي شَرْعِنَا، خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ وَخَمْسٌ فِي الْجَسَدِ، أَمَّا الَّتِي فِي الرَّأْسِ: فَالْمَضْمَضَةُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ/ وَفَرْقُ الرَّأْسِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَالسِّوَاكُ، وَأَمَّا الَّتِي فِي الْبَدَنِ: فَالْخِتَانُ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ. وَثَانِيهَا: قَالَ بَعْضُهُمْ: ابْتَلَاهُ بِثَلَاثِينَ خَصْلَةً مِنْ خِصَالِ الْإِسْلَامِ، عَشْرٌ مِنْهَا فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ [التَّوْبَةِ: 112] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَعَشْرٌ مِنْهَا فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست