responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 128
إِنْ كَانَتْ مُنْقَسِمَةً عَادَ الْحَدِيثُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُنْقَسِمَةً فَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَأَمَّا أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي الْمَعْلُومِ عِلْمٌ لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ كَانَ الْمَوْصُوفُ بِهِ أَيْضًا كَذَلِكَ، فَلِأَنَّ الْمَوْصُوفَ بِهِ لَوْ كَانَ قَبِلَ الْقِسْمَةَ، لَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا إِنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِهِ بِتَمَامِهِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْعَرَضُ الْوَاحِدُ حَالًّا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ وَهُوَ مُحَالٌ، أَوْ يَتَوَزَّعُ أَجْزَاءُ الْحَالِّ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَحَلِّ، فَيُقَسَّمُ الْحَالُّ وَقَدْ فَرَضْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مُنْقَسِمٍ أَوْ لَا يَتَّصِفُ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَحَلِّ إِلَّا بِتَمَامِ الْحَالِّ وَلَا شَيْءَ مِنْ أَجْزَاءِ ذَلِكَ الْحَالِّ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَحَلُّ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ الْحَالِّ وَقَدْ فَرَضْنَاهُ مَوْصُوفًا بِهِ هَذَا خُلْفٌ، وَأَمَّا أَنَّ كُلَّ مُتَحَيِّزٍ يَنْقَسِمُ فَبِالدَّلَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي نَفْيِ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ، قَالُوا: فَثَبَتَ أَنَّ الَّذِي يُشِيرُ إِلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ بِقَوْلِهِ: (أَنَا مَوْجُودٌ) لَيْسَ بِمُتَحَيِّزٍ وَلَا قَائِمٌ بِالْمُتَحَيِّزِ ثُمَّ نَقُولُ: هَذَا الْمَوْجُودُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُدْرِكًا لِلْجُزْئِيَّاتِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أَحْكُمَ عَلَى هَذَا الشَّخْصِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ إِنْسَانٌ وَلَيْسَ بِفَرَسٍ، وَالْحَاكِمُ بِشَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ لَا بُدَّ وَأَنْ يُحْضِرَ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِمَا فَهَذَا الشَّيْءُ مُدْرِكٌ لِهَذَا الْجُزْئِيِّ وَلِلْإِنْسَانِ الْكُلِّيِّ حَتَّى يُمْكِنَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهَذَا الْكُلِّيِّ عَلَى هَذَا الْجُزْئِيِّ وَالْمُدْرِكِ لِلْكُلِّيَّاتِ هُوَ النَّفْسُ وَالْمُدْرِكُ لِلْجُزْئِيَّاتِ أَيْضًا هُوَ النَّفْسُ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ مُدْرِكًا لِلْجُزْئِيَّاتِ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَلْتَذَّ وَيَتَأَلَّمَ، قَالُوا: إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: هَذِهِ الْأَرْوَاحُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ تَتَأَلَّمُ وَتَلْتَذُّ إِلَى أَنْ يَرُدَّهَا اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْأَبْدَانِ/ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهُنَاكَ يَحْصُلُ الِالْتِذَاذُ وَالتَّأَلُّمُ لِلْأَبْدَانِ، فَهَذَا قَوْلٌ قَالَ بِهِ عَالَمٌ مِنَ النَّاسِ قَالُوا: وَهَبْ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ بُرْهَانٌ قَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِهِ، فَإِنَّهُ مِمَّا يُؤَيِّدُ الشَّرْعُ وَيَنْصُرُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ وَيُزِيلُ الشُّكُوكَ وَالشُّبُهَاتِ عَمَّا وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ ثَوَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ فَهَذَا هُوَ الْإِشَارَةُ الْمُخْتَصَرَةُ فِي تَوْجِيهِ هَذَا الْقَوْلِ، وَاللَّهُ هُوَ الْعَالِمُ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ.
قَالُوا: وَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ أَنَّ ثَوَابَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ إِمَّا أَنْ يَصِلَ إِلَى هَذِهِ الْبِنْيَةِ أَوْ إِلَى جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَالْأَوَّلُ مُكَابَرَةٌ لِأَنَّا نَجِدُ هَذِهِ البينة مُتَفَرِّقَةً مُتَمَزِّقَةً فَكَيْفَ يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِوُصُولِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ إِلَيْهَا؟ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحْيِي بَعْضَ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ الصَّغِيرَةِ وَيُوصِلُ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ إِلَيْهَا، وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْإِنْسَانُ هُوَ الرُّوحُ فَإِنَّهُ لَا يَعْرِضُ لَهُ التَّفَرُّقُ وَالتَّمَزُّقُ فَلَا جَرَمَ يَصِلُ إِلَيْهِ الْأَلَمُ وَاللَّذَّةُ ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَرُدُّ الرُّوحَ إِلَى البدن يوم القيامة الكبرى، حتى تنظم الأحوال الجسمانية إلى الأحوال الروحانية.

[سورة البقرة (2) : آية 155]
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)
[في قوله تعالى ولنبلون بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ والأنفس والثمرات] اعْلَمْ أَنَّ الْقَفَّالَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: هَذَا متعلق بقوله: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة: 45] أَيِ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ فَإِنَّا نَبْلُوكُمْ بِالْخَوْفِ وبكذا وفيه مسائل:
المسألة الأولى: [الشكر يوجب المزيد فَكَيْفَ أَرْدَفَهُ بِقَوْلِهِ: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ] فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [البقرة: 152] وَالشُّكْرُ يُوجِبُ الْمَزِيدَ عَلَى مَا قَالَ: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ فَكَيْفَ أَرْدَفَهُ بِقَوْلِهِ: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ. وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ. الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّ إِكْمَالَ الشَّرَائِعِ إِتْمَامُ النِّعْمَةِ، فَكَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلشُّكْرِ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ الْقِيَامَ بِتِلْكَ الشَّرَائِعِ لَا يُمْكِنُ إِلَّا بِتَحَمُّلِ الْمِحَنِ، فَلَا جَرَمَ أَمَرَ فِيهَا بِالصَّبْرِ. الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى أَنْعَمَ أَوَّلًا فَأَمَرَ بِالشُّكْرِ، ثُمَّ ابْتَلَى وَأَمَرَ بِالصَّبْرِ، لِيَنَالَ الرَّجُلُ دَرَجَةَ الشَّاكِرِينَ وَالصَّابِرِينَ مَعًا، فَيَكْمُلُ إِيمَانُهُ عَلَى مَا
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «الْإِيمَانُ نِصْفَانِ: نِصْفُ صَبْرٍ وَنِصْفُ شُكْرٍ» .
المسألة الثانية: [المراد بهذه المخاطبة] رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْمُخَاطَبَةِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست