responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 122
الْمَقْدِسِ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ أَلْفَاظَ الْقُرْآنِ لَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ، لِأَنَّ شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ الْبَتَّةَ عَلَى مَا بَيَّنَاهُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ إِنْكَارَهُ أَصْلًا، فَبَعِيدٌ، لِأَنَّ الْأَخْبَارَ فِي ذَلِكَ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمُتَوَاتِرِ، وَلِأَبِي مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يُمْنَعَ التَّوَاتُرُ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا يَصِحُّ التَّعْوِيلُ فِي الْقَطْعِ بِوُقُوعِ النَّسْخِ فِي شَرْعِنَا عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ وَاللَّهُ أعلم.

[سورة البقرة (2) : آية 151]
كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)
اعْلَمْ أَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ دِينِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِوُجُوهٍ، بَعْضُهَا إِلْزَامِيَّةٌ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا الدِّينَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ فَوَجَبَ قَبُولُهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ [الْبَقَرَةِ: 130] وَبَعْضُهَا بُرْهَانِيَّةٌ وَهُوَ قَوْلُهُ: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ [الْبَقَرَةِ: 136] ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَقَّبَ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ بِحِكَايَةِ/ شُبْهَتَيْنِ لَهُمْ. إِحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ: وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا [الْبَقَرَةِ: 135] . وَالثَّانِيَةُ: اسْتِدْلَالُهُمْ بِإِنْكَارِ النَّسْخِ عَلَى الْقَدْحِ فِي هَذِهِ الشَّرِيعَةِ، وَهُوَ قول: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها [الْبَقَرَةِ: 142] وَأَطْنَبَ اللَّهُ تعالى في الجواب عن هذه الشبهة وبالحق فعل ذلك، لأن أعظم الشبهة لِلْيَهُودِ فِي إِنْكَارِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنْكَارُ النَّسْخِ، فَلَا جَرَمَ أَطْنَبَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ، وَخَتَمَ ذَلِكَ الْجَوَابَ بِقَوْلِهِ: وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ فَصَارَ هَذَا الْكَلَامُ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْجَوَابِ عَنِ الشُّبْهَةِ تَنْبِيهًا عَلَى عَظِيمِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ اسْتِمَالَةً لحصول العز والشرف في الدنيا، والتخلص في الذُّلِّ وَالْمَهَانَةِ يَكُونُ مَرْغُوبًا فِيهِ، وَعِنْدَ اجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ فَقَدْ بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي هَذَا الْبَابِ.
أَمَّا قَوْلُهُ: كَما أَرْسَلْنا فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَذَا الْكَافُ إِمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ بِمَا بَعْدَهُ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَبْلَهُ فَفِيهِ وُجُوهٌ.
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ راجع إلى قوله: وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ [البقرة: 150] أي ولأتم نعمتي عليكم في الدنيا بحصول الشرف، وفي الآخرة بالفوز بالثواب، كما أتممتها عَلَيْكُمْ فِي الدُّنْيَا بِإِرْسَالِ الرَّسُولِ. الثَّانِي: أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ ... وَيُزَكِّيهِمْ [الْبَقَرَةِ: 129] وَقَالَ أَيْضًا: وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا [الْبَقَرَةِ: 128] فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ بِبَيَانِ الشَّرَائِعِ، وَأَهْدِيكُمْ إِلَى الدِّينِ إِجَابَةً لِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ، كَمَا أَرْسَلْنَا فيكم رسولًا إجابة لدعوة عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ. الثَّالِثُ: قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيِّ، وَهُوَ أَنَّ التَّقْدِيرَ: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا، أَيْ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْ شَأْنِهِ وَصِفَتِهِ كَذَا وَكَذَا، فَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا، وَأَمَّا إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ، فَالتَّقْدِيرُ: كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يُعَلِّمُكُمُ الدِّينَ وَالشَّرْعَ، فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَصَمِّ وَتَقْرِيرُهُ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ عَلَى صُورَةٍ لَا تَتْلُونَ كِتَابًا، وَلَا تَعْلَمُونَ رَسُولًا، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْكُمْ لَيْسَ بِصَاحِبِ كِتَابٍ، ثُمَّ أَتَاكُمْ بِأَعْجَبِ الْآيَاتِ يَتْلُوهُ عَلَيْكُمْ بِلِسَانِكُمْ وَفِيهِ مَا فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ، وَفِيهِ الْخَبَرُ عَنْ أَحْوَالِهِمْ، وَفِيهِ التَّنْبِيهُ عَلَى دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ وَالْمَعَادِ وَفِيهِ التَّنْبِيهُ عَلَى الْأَخْلَاقِ الشَّرِيفَةِ، وَالنَّهْيُ عَنْ أَخْلَاقِ السُّفَهَاءِ، وَفِي ذَلِكَ أَعْظَمُ الْبُرْهَانِ عَلَى صِدْقِهِ فَقَالَ: كَمَا أَوْلَيْتُكُمْ هَذِهِ النِّعْمَةَ وَجَعَلْتُهَا لَكُمْ دَلِيلًا، فَاذْكُرُونِي بِالشُّكْرِ عَلَيْهَا، أَذْكُرْكُمْ بِرَحْمَتِي وَثَوَابِي، والذي

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست