responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 117
الدلائل الشرعية. وثالثها: مَا
أُخْرِجَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ قُلْتُ: كَمْ كَانَ قَدْرُ ذَلِكَ، قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً،
وَهَذَا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى التَّغْلِيسِ. وَثَالِثُهَا: مَا
رُوِيَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَّسَ بِالصُّبْحِ، ثُمَّ أَسْفَرَ مَرَّةً، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْفَارِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى مَدَحَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ فَقَالَ: وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ [آلِ عِمْرَانَ: 17] وَمَدَحَ التَّارِكِينَ لِلنَّوْمِ فَقَالَ: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً [السَّجْدَةِ: 16] وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ النَّوْمِ بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ أَفْضَلَ
لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِكَايَةً عَنِ اللَّهِ: «لَنْ يَتَقَرَّبَ الْمُتَقَرِّبُونَ إِلَيَّ بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِمْ»
وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ التَّغْلِيسُ أَفْضَلَ. وَخَامِسُهَا: أَنَّ النَّوْمَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَطْيَبُ، فَيَكُونُ تَرْكُهُ أَشَقَّ، / فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ثَوَابُهُ أَكْثَرَ،
لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ أَحْمَزُهَا»
أَيْ أَشَقُّهَا، وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِوُجُوهٍ. أَحَدُهَا:
قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» .
وَثَانِيهَا:
رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ صَلَّى الْفَجْرَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَغَلَّسَ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَوَاتٍ إِلَّا لِمِيقَاتِهَا إِلَّا صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَإِنَّهُ صَلَّاهَا يَوْمَئِذٍ لِغَيْرِ مِيقَاتِهَا.
وَثَالِثُهَا: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَافَظُوا عَلَى شَيْءٍ مَا حَافَظُوا عَلَى التَّنْوِيرِ بِالْفَجْرِ. وَرَابِعُهَا: عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى الْفَجْرَ فَقَرَأَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَالُوا: كَادَتِ الشَّمْسُ أَنَّ تَطْلُعَ، فَقَالَ لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ، وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَرَأَ الْبَقَرَةَ فَاسْتَشْرَقُوا الشَّمْسَ، فَقَالَ: لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ. وَخَامِسُهَا: أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ يَشْتَمِلُ عَلَى فَضِيلَةِ الِانْتِظَارِ،
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الْمُنْتَظِرُ لِلصَّلَاةِ كَمَنْ هُوَ فِي الصَّلَاةِ»
فَمَنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا فَقَدِ انْتَظَرَ الصَّلَاةَ أَوَّلًا ثُمَّ بِهَا ثَانِيًا وَمَنْ صَلَّاهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَقَدْ فَاتَهُ فَضْلُ الِانْتِظَارِ. وَسَادِسُهَا: أَنَّ التَّأْخِيرَ يُفْضِي إِلَى كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى تَحْصِيلًا لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ. وَسَابِعُهَا: أَنَّ التَّغْلِيسَ يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الصَّلَاةُ فِي وَقْتِ الغليس احْتَاجَ الْإِنْسَانُ إِلَى أَنْ يَتَوَضَّأَ بِاللَّيْلِ حَتَّى يَتَفَرَّغَ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْحَرَجُ مَنْفِيٌّ شَرْعًا. وَثَامِنُهَا: أَنَّهُ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَإِذَا صَلَّى وَقْتَ الْإِسْفَارِ فَإِنَّهُ يَقِلُّ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ، وَإِذَا صَلَّى بِالتَّغْلِيسِ فَإِنَّهُ يَكْثُرُ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْفَجْرَ اسْمٌ لِلنُّورِ الَّذِي يُنْفَى بِهِ ظَلَامُ الْمَشْرِقِ، فَالْفَجْرُ إِنَّمَا يَكُونُ فَجْرًا لَوْ كَانَتِ الظُّلْمَةُ بَاقِيَةً فِي الْهَوَاءِ، فَأَمَّا إِذَا زَالَتِ الظُّلْمَةُ بِالْكُلِّيَّةِ وَاسْتَنَارَ الْهَوَاءُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَجْرًا، وَأَمَّا الْإِسْفَارُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الظُّهُورِ، يُقَالُ: أَسْفَرَتِ الْمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِهَا إِذَا كَشَفَتْ عَنْهُ، إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: ظُهُورُ الْفَجْرِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ بَقَاءِ الظَّلَامِ فِي الْهَوَاءِ، فَإِنَّ الظَّلَامَ كُلَّمَا كَانَ أَشَدَّ كَانَ النُّورُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ الظَّلَامِ أَشَدَّ،
فَقَوْلُهُ: «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ»
يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى التَّغْلِيسِ، أَيْ كُلَّمَا وَقَعَتْ صَلَاتُكُمْ حِينَ كَانَ الْفَجْرُ أَظْهَرَ وَأَبْهَرَ كَانَ أَكْثَرَ ثَوَابًا، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي أَوَّلِ الْفَجْرِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْإِسْفَارَ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى تَيَقُّنِ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَزَوَالِ الشَّكِّ عَنْهُ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا أَنَّ أَدَاءَ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَشَقُّ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ ثَوَابًا، وَأَمَّا تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إِلَى وَقْتِ التَّنْوِيرِ فَهُوَ عَادَةُ أَهْلِ الْكَسَلِ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِعُ: إِنَّ الْكَسَلَ أَفْضَلُ مِنَ الْجِدِّ فِي الطَّاعَةِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ: حَافِظُوا عَلَى التَّنْوِيرِ بِالْفَجْرِ، فَجَوَابُهُ هَذَا الَّذِي قَرَّرْنَاهُ لِأَنَّ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست