responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 115
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [آلِ عِمْرَانَ: 133] وَالْمَعْنَى: وَسَارِعُوا إِلَى مَا يُوجِبُ الْمَغْفِرَةَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الصَّلَاةَ كَذَلِكَ، فَكَانَتِ الْمُسَارَعَةُ بِهَا مَأْمُورَةً. وَخَامِسُهَا: أَنَّهُ مَدَحَ الْأَنْبِيَاءَ الْمُتَقَدِّمِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ [الْأَنْبِيَاءِ: 90] وَلَا شَكَّ أَنَّ الصَّلَاةَ مِنَ الْخَيْرَاتِ،
لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «خَيْرُ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ» .
وَسَادِسُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى ذَمَّ إِبْلِيسَ فِي تَرْكِ الْمُسَارَعَةِ فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ [الْأَعْرَافِ: 12] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْمُسَارَعَةِ مُوجِبٌ لِلذَّمِّ. وَسَابِعُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ [الْبَقَرَةِ: 238] وَالْمُحَافَظَةُ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِالتَّعْجِيلِ، لِيَأْمَنَ الْفَوْتَ بِالنِّسْيَانِ وَسَائِرِ الْأَشْغَالِ. وَثَامِنُهَا:
قَوْلُهُ تَعَالَى: حِكَايَةً عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى [طه: 84] فَثَبَتَ أَنَّ الِاسْتِعْجَالَ أَوْلَى. وَتَاسِعُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا [الْحَدِيدِ: 10] فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسَابَقَةَ سَبَبٌ لِمَزِيدِ الْفَضِيلَةِ فَكَذَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. وَعَاشِرُهَا:
مَا
رَوَى عُمَرُ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّه وَأَنَسٌ وَأَبُو مَحْذُورَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَفِي آخِرِهِ عَفْوُ اللَّهِ»
قَالَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رِضْوَانُ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ عَفْوِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
رِضْوَانُ اللَّهِ إِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُحْسِنِينَ وَالْعَفْوُ يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ عَنِ الْمُقَصِّرِينَ فَإِنْ قِيلَ هَذَا احْتِجَاجٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَأْثَمَ بِالتَّأْخِيرِ، وَأَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْفِعْلَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ يُوجِبُ الْعَفْوَ عَنِ السَّيِّئَاتِ السَّابِقَةِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يُوجِبُ رِضْوَانَ اللَّهِ، فَكَانَ التَّأْخِيرُ مُوجِبًا لِلْعَفْوِ وَالرِّضْوَانِ، وَالتَّقْدِيمُ مُوجِبًا لِلرِّضْوَانِ دُونَ الْعَفْوِ فَكَانَ التَّأْخِيرُ أَوْلَى قُلْنَا: هَذَا ضَعِيفٌ مِنْ وُجُوهٍ. الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ/ تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ أَفْضَلَ وذلك لم يقله أحد. الثاني: أنه عدم المسارعة الِامْتِثَالِ يُشْبِهُ عَدَمَ الِالْتِفَاتِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْعِقَابَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا أَتَى بِالْفِعْلِ بَعْدَ ذَلِكَ سَقَطَ ذَلِكَ الِاقْتِضَاءُ. الثَّالِثُ: أَنَّ تَفْسِيرَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُبْطِلُ هَذَا التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَكَرُوهُ.
الْحَادِي عَشَرَ:
رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ لَا تُؤَخِّرْهَا: الصَّلَاةُ إِذَا أَتَتْ، وَالْجِنَازَةُ إِذَا حَضَرَتْ، وَالْأَيِّمُ إِذَا وجدت لها كفؤا» .
الثاني عشر:
روي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سَأَلَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: الصَّلَاةُ لِمِيقَاتِهَا الْأَوَّلِ.
الثَّالِثَ عَشَرَ:
رَوَى عن أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ وَقَدْ فَاتَهُ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ» .
الرَّابِعَ عَشَرَ:
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
فَمَنْ كَانَ أَسْبَقَ فِي الطَّاعَةِ كَانَ هُوَ الَّذِي سَنَّ عَمَلَ الطَّاعَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ثَوَابُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَوَابِ الْمُتَأَخِّرِ.
الْخَامِسَ عَشَرَ: إِنَّا تَوَافَقْنَا عَلَى أَنَّ أَحَدَ أَسْبَابِ الْفَضِيلَةِ فِيمَا بَيْنَ الصَّحَابَةِ الْمُسَابَقَةُ إِلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى وَقَعَ الْخِلَافُ الشَّدِيدُ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَسْبَقُ إِسْلَامًا أَمْ عَلِيًّا، وَمَا ذَاكَ إِلَّا اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُسَابَقَةَ فِي الطَّاعَةِ تُوجِبُ مَزِيدَ الْفَضْلِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى قَوْلِنَا.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 115
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست