responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 113
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ تَعَالَى وَإِنْ نَهَاهُ عَنِ الِامْتِرَاءِ فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ شَاكًّا فِيهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي بَيَانِ هذه المسألة والله أعلم.

[سورة البقرة (2) : آية 148]
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)
اعْلَمْ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا في المراد بقوله: لِكُلٍ
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: إنما قال: لِكُلٍ
وَلَمْ يَقُلْ لِكُلِّ قَوْمٍ أَوْ أُمَّةٍ لِأَنَّهُ مَعْرُوفُ الْمَعْنَى عِنْدَهُمْ فَلَمْ يَضُرَّ حَذْفُ الْمُضَافِ إِلَيْهِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ كَقَوْلِهِ: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً [الْمَائِدَةِ: 48] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: ذَكَرُوا فِيهِ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْفِرَقِ، أَعْنِي الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَصَمِّ، قَالَ: لِأَنَّ فِي الْمُشْرِكِينَ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَيَتَقَرَّبُ بِذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ: هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ [يُونُسَ: 18] . وَثَانِيهَا: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ، أَنَّ الْمُرَادَ أَهْلُ الْكِتَابِ وَهُمُ: الْمُسْلِمُونَ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَالْمُشْرِكُونَ غَيْرُ دَاخِلِينَ فِيهِ.
وَثَالِثُهَا: قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ لِكُلِّ قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وِجْهَةٌ أَيْ جِهَةٌ مِنَ الْكَعْبَةِ يُصَلِّي إِلَيْهَا: جَنُوبِيَّةٌ أَوْ شَمَالِيَّةٌ، أَوْ شَرْقِيَّةٌ أَوْ غَرْبِيَّةٌ، وَاحْتَجُّوا عَلَى هذا القول بوجهين. الأول: قوله تعالى: وَمُوَلِّيها
يَعْنِي اللَّهُ مُوَلِّيهَا وَتَوْلِيَةُ اللَّهِ لَمْ تَحْصُلْ إِلَّا فِي الْكَعْبَةِ، لِأَنَّ مَا عَدَاهَا تَوْلِيَةُ الشَّيْطَانِ. الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الْخَيْرَاتِ مَا لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ جِهَةٍ، وَالْجِهَاتُ الْمَوْصُوفَةُ بِالْخَيْرِيَّةِ لَيْسَتْ إِلَّا جِهَاتُ الْكَعْبَةِ. وَرَابِعُهَا: قَالَ آخَرُونَ: وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الرُّسُلِ وَأَصْحَابِ الشَّرَائِعِ جِهَةُ قِبْلَةٍ، فَقِبْلَةُ الْمُقَرَّبِينَ: الْعَرْشُ، وَقِبْلَةُ الرُّوحَانِيِّينَ: الْكُرْسِيُّ، وَقِبْلَةُ الْكَرُوبِيِّينَ: الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، وَقِبْلَةُ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ قَبْلَكَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، وقبلتك الكعبة.
أما قوله تعالى: جْهَةٌ
ففيه مسألتان:
المسألة الأولى: قرئ: لِكُلٍّ وِجْهَةٌ
عَلَى الْإِضَافَةِ وَالْمَعْنَى: وَكُلُّ وُجْهَةٍ هُوَ مُوَلِّيهَا فَزِيدَتِ اللَّامُ لِتَقَدُّمِ الْمَفْعُولِ كَقَوْلِكَ: لِزَيْدٍ ضَرَبْتَ، وَلِزَيْدٍ أَبُوهُ ضَارِبٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الفاء: وِجْهَةٌ، وَجِهَةٌ، وَوَجْهٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ فَقَالَ الْحَسَنُ: الْمُرَادُ الْمِنْهَاجُ وَالشَّرْعُ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً [الْحَجِّ: 67] ، لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ [المائدة: 48] / شِرْعَةً وَمِنْهاجاً [الْمَائِدَةِ: 48] وَالْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ لِلشَّرَائِعِ مَصَالِحَ، فَلَا جَرَمَ اخْتَلَفَتِ الشَّرَائِعُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ، وَكَمَا اخْتَلَفَ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ لَمْ يَبْعُدْ أَيْضًا اخْتِلَافُهَا بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الزَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ، فَلِهَذَا صَحَّ الْقَوْلُ بِالنَّسْخِ وَالتَّغْيِيرِ، وَقَالَ الْبَاقُونَ: الْمُرَادُ مِنْهُ أَمْرُ الْقِبْلَةِ، لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [البقرة: 144] فَهَذِهِ الْوِجْهَةُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَحْمُولَةً عَلَى ذلك.
أما قوله: وَمُوَلِّيها
فَفِيهِ وَجْهَانِ. الْأَوَّلُ: أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الْكُلِّ، أَيْ وَلِكُلِّ أَحَدٍ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّي وَجْهَهُ إِلَيْهَا. الثَّانِي: أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، أَيْ اللَّهُ تَعَالَى يُوَلِّيهَا إِيَّاهُ، وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنْ نَقُولَ:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست